للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرضاً لبطلت الصلاة في البيت إلى غير جهة المقام وهذا ما يفسر لنا استدلال الإمام البخاري بالحديث في كتاب الصلاة وليس في كتاب الحج إظهاراً منه لهذا المعنى المختص باستقبال القبلة (١) وهو ما نوّه إليه الإمام ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري (٢).

مقام إبراهيم في الأصل هو الحجر المكرم الذي قام عليه نبي الله إبراهيم - عليه السلام - حين شق عليه رفع الحجارة بعد أن ارتفع بناء البيت فوق ما تصل إليه يداه وهو ما أورده الإمام البخاري في صحيحه في حديث طويل جاء فيه "فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: ١٢٧] قال: فجعلا يبنيان وهما يدوران حول البيت وهما يقولان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} " (٣).

فالحديث يصرح بأن الخليل قام على حَجَرِ المقام للبناء لكنه لا يشير إلى أن الحجر تطاول بإبراهيم في السماء كلما أراد أن يعلو بارتفاع البيت أكثر وهي الرواية التي اشتهرت عند مؤرخي مكة الذين ذهبوا إلى أن الحجر الكريم كان يصعد بإبراهيم عند البناء كلما احتاج الخليل إلى ذلك، وأنه كان ينزل به لأجل أن يتناول الحجارة من إسماعيل ثم يعاود الصعود به من جديد (٤).


(١) في هذا دقة علم الإمام البخاري وفقهه واجتهاده. اُنظر نفس المرجع والجزء والصفحة.
(٢) اُنظر فتح الباري ٣/ ٦٤٦.
(٣) صحيح البخاري برقم (٣٣٦٤).
(٤) اُنظر كتاب فضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم - عليه السلام - بقلم سائد بكداش ص ١٠٨ وتاريخ مكة المكرمة قديماً وحديثاً للدكتور محمد إلياس عبد الغني ص ٧١.

<<  <   >  >>