للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أن إبراهيم أشار لولده إلى أكمة مرتفعة عما حولها رفعا عندها القواعد من البيت (١). فمن يدري لعلهما حفرا في الأكمة حتى وصلا إلى قواعد الملائكة في البيت دون أن ينقضاها أنكاثاً حرصاً منهما على استخدامها في البناء بسبب ارتفاعها وصولاً بها إلى ما تعجز أن تطاله يد إنسان حتى إذا تجاوز البيت في بلوغ غايته ما ارتفع عن يد إبراهيم وقفا على جوانب الأكمة واحتاج حينئذ إبراهيم إلى حجر يقف عليه لإتمام البناء فاستدعاه للقيام بمراده (٢).

ومن الآثار التي وردت فيما يتعلق بالمقام ولم تثبت ما جاء عن الصحابي عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - من أن خليل الرحمن صعد على حجر المقام للأذان بالحج حين أمره الله بذلك (٣). فالأذان على الحجر وتبليغ الناس بفرضه على القادر منهم وهو واقف عليه والحجر يتطاول بإبراهيم في السماء حتى تجاوز به ذرا الجبال كل هذا لم أعثر عليه في مصدر موثق وهو ما لا يتنافى مع اليقين بأصل الأذان للحج حيث أخبر القرآن الكريم بأن إبراهيم أُمِرَ به فوفَّى بامتثال العبد الطائع لمراد مولاه، وهو الشيء الذي ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُونَ رِجَالًا ... } [الحج: ٢٧].

وكما ترى فالآية لم تتعرض للغة الأذان ولا لصيغته ولا للمكان الذي أذّن فيه إبراهيم؛


(١) نفس الرواية للبخاري برقم (٣٣٦٤).
(٢) هذا ليس تكذيبا مني للمعجزة فإني من المؤمنين بقدرة الله عليها وحكمته منها ومن ذلك سائر معجزات الله تعالى التي أجراها على يد إبراهيم، لكن هذا شيء وقبولنا لكل خارقة دون تثبّت من دليل وقوعها شيء آخر، فما جاءت به موازين البحث العلمي فأَثْبَتَتْهُ في كتاب الله أو سنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - الصحيحه فعلى الرأس والعين، وما لم تدعمه الأدلة في أحد هذين المصدرين الموثقين فلا سبيل لاحتضانه ولا معرة في ذلك بل اللوم والجنوح في خلاف هذا المنهج والله الهادي إلى سبيل الحق.
(٣) اُنظر فضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم - عليه السلام - (١١١).

<<  <   >  >>