للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومع ذلك فإن أحداً من أبناء العرب لم يعبد حجر المقام أو الحجر الأسود وذلك تكريماً من الخالق العظيم لحجرين كريمين أحدهما يُستلم ويُقبَّل، والآخر يُتَّخذ مقامه مصلّى أي قبلةً يتوجه إليها المسلمون لله رب العالمين، ولو أنه عُبد ولو مرة لحرّم الباري علينا التوجّه إليه؛ لأن من أركان هذا الدين إخلاص العقيدة لله رب العالمين ونبذ فكرة الاعتقاد في الجمادات من حيث النفع أو الضر أو التأثير وبالتالي الإعراض عن عقائد الجاهلين في اتخاذ الأصنام والأوثان، فالمؤثر الحقيقي هو الله - عز وجل - صاحب الخلق والأمر ولولا ما أمرنا به من اتِّخاذ مقام إبراهيم قبلة نصلي عندها لله ربّ العزة والملكوت لما فعلنا، وعندما نفعل فإننا لا نعتقد بهذا الحجر أي قدسية توليهِ أدنى لون من ألوان التأثير؛ لأنه في اعتقادنا قبل وبعد كل شيء هو حجر لا يضر ولا ينفع وأن المسألة كلها لا تخرج عن كونه محراباً يقف فيه المصلي شعاراً للاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسعياً لانتظام الصفوف خلفه، وتعميقاً لمعنى العبودية بين يدي خالقنا الذي أمرنا بذلك ومن قال إن محاريب المساجد هي حجارة نتوجه إليها؟ ! والحق أننا نتوجّه عندها لربنا ومالك أمورنا، نتخذ منها سترة حرمة لصلاتنا أن ينتصب أو يمرّ بين أيدينا أحد ونحن نقف بين يدي مولانا العظيم جل جلاله.

إن ما يردُّ عنا غثاء هذه الافتراءات الجاهلة بطبيعة الإسلام ومقاصده (١) هو البيان الوافي بالتوحيد الذي قام عليه البنيان الإسلامي كله والذي تعد مكة المكرمة ساحته الواسعة التي يحظر على غير الموحدين دخولها، والذي يعد الحج إلى بيت الله الحرام


(١) هي افتراءات فاسدة تنسب إلينا ما ليس منا لذلك سمعت دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي يصرح على الملأ بأن إله المسلمين هو غير إله المسيحيين واليهود وأننا في مكة نعبد حجارة الأرض في عقيدة تقيم جسراً يمتد من وثنية العرب إلى العهود الإسلامية: هذا ما أطلقه وبثَّتْه كل وكالات الأنباء في صدر العام (٢٠٠٤) من ميلاد المسيح عليه السَّلام، (فاحذر من التقَيؤ منه يارعاك الله).

<<  <   >  >>