للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي على أدائه مرة واحدة في مكانه المشروع (١). قال الإمام النووي "فيه دليل على أن السعي في الحج والعمرة لا يكرر بل يقتصر منه على مرة واحدة ويكره تكراره؛ لأنه بدعة، وفيه دليل لما قدمناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً وأن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد وقد سبق خلاف أبي حنيفة وغيره في هذه المسألة والله أعلم".

والسعي ركن من أركان هذه الفريضة وفق ما ذهب إليه جمهور الفقهاء بدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسع سوى سعي واحد كما بينت لك؛ ولأن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه لم يجعل على المتخلف عن السعي كفارة من دم أو غيره وهو القائل: "خذوا عني مناسككم"، وبهذا المعنى أورد الشيخان في صحيحيهما واللفظ لمسلم قال حدثني زهير بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن عمر بن دينار قال: سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته؟ فقال: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطاف بالبيت، ثم صلّى ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة ثم تلا (أي ابن عمر) {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] " (٢)

قال الإمام النووي في شرحه على هذا الحديث: "وهذا الحكم الذي قاله ابن عمر هو مذهب العلماء كافة وهو أن المعتمر لا يتحلل إلّا بالطواف والسعي والحلق إلّا ما حكاه القاضي عياض عن ابن عباس وإسحاق بن راهويه أنه يتحلل بالطواف وإن لم


(١) لا يرد هنا قولك إن الخروج من خلاف الفقهاء سنة عند الشافعية فيسن تكرار السعي أخذاً من قول من أوجبه لماذا؟ يجيب العلامة ابن حجر الهيتمي عن ذلك في حاشيته ص ٢٩٤ ـ " ... . لا يسن له تكراره وإن قال أبو حنيفة بوجوبه؛ لأنه خلاف ما صح من السنة في القارن أي وشَرْطُ ندب الخروج من الخلاف أن لا يعارض بسنة صحيحة وهي هنا قول جابر (لم يطف النبي ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلّا طوافاً واحداً) ".
(٢) صحيح البخاري باب ماجاء في السعي بين الصفا والمروة برقم (١٦٤٥) وصحيح مسلم باب المحرم بعمرة لا يتحلل قبل السعي برقم (١٢٣٤/ ١٨٩) وصحيح ابن خزيمة برقم (٢٧٦٠).

<<  <   >  >>