للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسع وهذا ضعيف مخالف للسنة" (١).

إِن الذي أتى على ذكره الإمام النووي في أمر السعي في العمرة هو من البراهين التي استدل بها جمهور العلماء على أن السعي ركن، إذ كيف يكون ركناً من أركان العمرة ثم لا يكون كذلك في الحج مع مراعاة أنه لاتختلف الشروط والأركان بين الحج والعمرة فهي سواء بسواء بدليل أن حديث ابن عمر السابق لم يقيد بل أطلق الحكم دون تقييد منه بحج أو عمرة فدل على أن الشأن فيهما واحد، وأن السعي ركن من أركان الحج مثل ما هو ركن من أركان العمرة.

ومن الأدلة على فرضية السعي وركنيته قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسْعَوْا فإن الله كتب عليكم السعي" (٢). فالآية والحديث استدل بهما جمهور العلماء على أن السعي بين الصفا والمروة فرض وركن لاسيما وأن الحديث الشريف أطل علينا بلفظه "كتب" وهي الكلمة التي فهم منها العلماء جميعاً وجوب الصيام في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ج ٨ ص ٣٦٧ - ٣٦٨.
(٢) تمام الحديث في مسند الإمام أحمد عن حبيبة بنت أبي تِجْرَاة قالت: دخلنا دار أبي حسين في نسوة من قريش والنبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف بين الصفا والمروة قالت: وهو يسعى، يدور به إزاره من شدة السعي، وهو يقول لأصحابه: "اسعَوْا فإن الله كتب عليكم السعي" وقد جاء في السنن الكبرى للبيهقي (٩٤٤٩) أن حبيبة هذه هي إحدى نساء بني عبد الدار. أما يدور به إزاره فقد قال الإمام محمد بن علي الشوكاني في نيل الأوطار ج ٥ ـ ص ٦١ ـ "والضمير في قوله (به) يرجع إلى الركبتين أي تدور إزاره بركبتيه" وعن قوة الحديث قال محققوا الموسوعة الحديثية على مسند الإمام أحمد عند الرقم (٢٧٣٦٧) أي لهذا الحديث (حسن بطرقه وشاهده. وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن المؤمّل وقد اضطرب فيه ... .) (وقال ابن عبد البر: والصحيح في إسناد هذا الحديث ومتنه ما ذكره الشافعي وأبو نعيم). اُنظر الموسوعة الحديثية ص ٤٥ - ٣٦٣ وص ٣٦٥. أقول وقد أخرجه البيهقي كما مر والشافعي في الأم باب الخروج إلى الصفا برقم (٦٧٩٧)، وأبو نعيم في الحلية ج ٩ ـ ص ١٥٨ - ١٥٩.

<<  <   >  >>