للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحيحه (١)،

ولما رواه الإمام مسلم في صحيحه قال: حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: قلت لها: إني لأظن رجلاً لو لم يطف بين الصفا والمروة ما ضرّه! قالت: لم؟ قلت: ؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إلى آخر الآية فقالت: ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة ولو كان كما تقول لكان: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما وهل تدري فيما كان ذاك؟ إنما ذاك أن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما إساف ونائلة ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ثم يحلقون فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية قالت فأنزل الله عزّ وجلّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٢) إلى آخرها قالت: "فطافوا" (٣)

لكنّ الآية الكريمة وإن لم تصرح بفريضة السعي إلّا أنها لم تصرح بنفي ذلك أيضاً ولهذا قال الإمام النووي في معرض ثنائه على السيدة عائشة بسبب استشهادها واستنباطها بالآية الشريفة:

"قال العلماء: هذا من دقيق علمها وفهمها الثاقب وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ؛


(١) صحيح البخاري برقم (١٦٤٨)، وربما استشهد الحنفية بالحديث برقم (١٦٤٩) من البخاري أيضاً ..
(٢) تمام الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)} [البقرة: ١٥٨]
(٣) صحيح مسلم برقم (١٢٧٧/ ٢٥٩)، والسنن الكبرى للبيهقي برقم (٩٤٤١)، هذا ومن الروايات التي جاءت بهذا الصدد ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم (٢٧٦٦) عن عائشة قالت: بئس ما قلت يا ابن أخي! إنما كان من أهلَّ لمناة الطاغية التي بالمشلل يطوفون بين الصفا والمروة فلما كانوا بالإسلام قالوا: يا رسول الله: إن طوافنا بهذين الحجرين من أمر الجاهلية! قالت: فنزل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية قالت: فطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية أخرى عند ابن خزيمة تحمل نفس الرقم قال: قال الزهري: ( ... .. فقالوا يا رسول الله إنا أمرنا أن نطوف بالبيت ولم نؤمر أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فأراها نزلت في هؤلاء وهؤلاء.

<<  <   >  >>