للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن الآية الكريمة إنما دل لفظها على رفع الجناح عمن يطوف بهما وليس فيه دلالة على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه" (١).

ومما يؤيد كلام السيدة عائشة ما جاء عن جابر بن عبد الله ـ أعلم الصحابة بفريضة الحج ـ أنه كان يقول: "لا يحج من قريب ولا من بعيد إلّا أن يطوف بين الصفا والمروة وإن النساء لا يحللن للرجال حتى يطفن بين الصفا والمروة" (٢)

وبهذا لم يبق أمامنا في هذه المسألة سوى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين تلقوا العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشافهة وقد جاء فصل الخطاب عن عائشة رضي الله عنا وجابر وابن عمر الذي سئل عن رجل طاف ولم يسع بينهما فذكر الطواف والسعي ثم تلا قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١].

الذكر بين الصفا والمروة

قال جابر: "وقال: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلَّا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده" ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات":

الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الحاج عندما يخرج من ساحة الطواف يريد المسعى فإنه يدخل إليه من باب الصفا، ومن ثم يصعد على الصفا وهو يقرأ قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٣)، ثم يقول وهو رافع يديه (٤): أبدأ بما بدأ الله به، ثم


(١) شرح النووي على صحيح مسلم ج ٩ ـ ص ٤٠٠.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي برقم (٩٤٥٢).
(٣) قال الجوهري: الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل علماً لطاعة الله. اُنظر نيل الأوطار للشوكاني ج ٥ ـ ص ٦٢.
(٤) دليل رفع اليدين عند الدعاء على الصفا جاء في صحيح ابن خزيمة في بابٍ يحمل هذا العنوان من حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنه أتى في طوافه صنماً في جَنَبَة البيت يعبدونه فجعل يطعنه بقوس في يده ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} قال: ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ... " برقم الحديث (٢٧٥٨). أقول الجَنَبَة: الناحية.

<<  <   >  >>