للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيد أني أنوّه هنا إلى أنّ قراءة القرآن الكريم هي أفضل من الذكر غير الوارد، وهو ما نص عليه العلامة الغمراوي من فقهاء الشافعية (١)، كما عقب الإمام ابن حجر الهيتمي على كلام النووي التالي: "ولو قرأ القرآن كان أفضل" وذلك بقوله: "أي من غير الذكر الوارد نظير ما مر في الطواف" (٢).

هذا الكلام يحضر معه بقوة مرة أخرى الحديث عن مسألة تخصيص جملة من الأدعية الخاصة بكل شوط من أشواط السعي وقد تبين لنا من خلال شد الرحال في هذا المبحث إلى مظان الأدعية المأثورة في كتب السنن والفقه أن الدعاء الوارد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن صحابته الكرام لا يتفق مع الكتب المنتشرة اليوم جمعاً وتدوينا من قبل القائمين على هذا الثغر الإسلامي الهام؛ لأن أكثر ذلك لم يثبت في مصدر صحيح، وهذا شأن هام ينبغي أن ينبه عليه؛ لأننا وإن كنا نرى أن تلك الأدعية داخلة تحت العموم الذي أجازه الفقهاء حتى ولو لم يكن وارداً، لكننا نحذر من تعمية حقيقته على حجاج بيت الله الحرام؛ لأن البدعة في تعريف الفقهاء: هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة، وما نسب إلى الدين وزعم أنه سنة فهو من الابتداع المذموم، لا أن تلك الأدعية هي بحد ذاتها مذمومة ذلك أن أدعية الشوط الأول مثلاً التي توحي تسميها بأنها سنة ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليست كذلك فيجوز أن تؤدى في الشوط الثاني أو الثالث إلخ ... كما يجوز أن لاتؤدى أبداً وأن يستعاض عنها بغيرها إذ كل هذا من عموم الندب الذي أشار إليه الفقهاء في دعاء الدين أو من المباح الذي أشاروا إليه في دعاء الدنيا.


(١) اُنظر أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك للعلامة الشيخ محمد الزهري الغمراوي ص ٢٥٣
(٢) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٢٩٥.

<<  <   >  >>