لكننا نجد اليوم من ينهى في الحرم عن هذا النوع من الدعاء داخل الحرم المكي الشريف كما وجدت فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي لا يستسيغ تلك الهيئة حيث قال:
"وبعض الناس يمشون وراء المطوف والمطوف يدعو كلمة كلمة وهو يردد وراءه يقول اللهمّ ... اللهمّ يا ربنا ... يا ربنا نسألك ... نسألك، فهو لا يعرف بماذا يدعو!
يا أخي بدلاً من أن تردد هذا الكلام ادع أنت الله بما يفيض به قلبك وينطق به لسانك" إلى أن قال: "اطلب أنت بلسانك من ربك ما تحب. لماذا تجعل أحد الناس يلقنك كلمة كلمة وأنت لا تعلم ما سيقول؟ أولى الأشياء أن يردد الإنسان الدعاء الذي يصدر من قلبه"(١).
وأرى بدوري أن إنكار فضيلته للدعاء الجماعي لمجرد أنه جماعي ليس مبرراً لنبذه؛ لأنه اجتماع على خير فهو أشبه بتلاوة قارئ للقرآن واستماع الجالسين حوله لآياته بتدبر وخشوع فلا ضير عليهم حتى ولو لم يحفظوا ما يتلوه من آيات، وهو نظير دعاء الإمام في قنوت أو طلب من استسقاء حيث يدعو الداعي ويقول من خلفه آمين دون أن يعلم الكثير منهم إن لم نقل جميعهم بماذا سيدعو؟
على أن كلام القرضاوي لا نرده على إطلاقه؛ لأن انكفاء الحجّاج والعمّار على صيغة الدعاء الجماعي تعكس جانباً من واقع االتقصير في شفافية العلاقة مع الله فالمسلم ـ وهذا هو الأصل الصحيح ـ لا بد أنه تروض في ليالي الأسبوع السبعة على مناجاة ربه بذل وانكسار متردداً بين لغة الخوف والرجاء زمناً طويلاً حتى إذا ما دخل
(١) اُنظر مئة سؤال عن الحج والعمرة والأضحية والعيدين للدكتور يوسف القرضاوي ص ١١٤.