للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الوادي (١) الواقع في طريق الساعين بأمر الله بين الصفا والمروة يعرفه كل زائر ويعرف معه بدء السعي ومنتهاه وهيئته وهو ما يختص بأحكام في ميزان الفقه الإسلامي سآتي على ذكرها بإذنه تعالى، لكن بعد أن نعرج معاً بمزيد من التفصيل على فضل كل من الصفا والمروة من حيث ما ورد في كلٍّ من أحداث ووقائع وما جاء من آثار.

البداية بداهة من الصفا؛ لأنها مقدمة على المروة في مذهب أكثر العلماء؛ لأن ربنا جلّ وعلا بدأ بها إشعاراً بشرفها واهتماماً بها؛ ولأن الصفا أقرب إلى البيت (٢)؛ ولأن السعي من الصفا أصل والمروة له تابع بحيث لو بدأ الساعي بينهما بالمروة لم يعتدّ بسعيه حتى يصل إلى الصفا وحينئذ تحسب البداية منها ويقع ما سبقها لغواً (٣).

بعد هذا البيان التمهيدي إليك ما وقع تحت يدي من نصوص في الأحداث التي جرت على الصفا:

أولاً: أخرج البخاري في صحيحه (٤) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} (٥) [الشعراء: ٢١٤] ورَهْطَكَ


(١) أرض المسعى كانت فيها منحدرات ومتعرجات وصعود ونزول ثم تم إصلاح ذلك شيئاً فشيئاً على مرّ التاريخ إلى أن وصلت إلى صورتها النهائية حيث هي اليوم غاية في الجمال والنظافة، وحيث صارت مسقوفة ومبنية بدورين واتصلت بالمسجد ولم تعد تفصل بينهما المباني كما كانت في الماضي، كما لم يعد المسعى سوقاً تقف الحوانيت على جانبه، ولم يبقَ من معالم الماضي فيه سوى هيئة الوادي من جهة النزول والصعود إلى كل من الصفا والمروة.
(٢) جبل الصفا يقع في الجهة الجنوبية مائلاً إلى الشرق على بعد ١٣٠ متراً من الكعبة المشرفة بينما جبل المروة يقع في الجهة الشرقية الشمالية على بعد نحو ٣٠٠ متراً من الركن الشامي من الكعبة المشرفة.
(٣) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٢٩٨.
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٩٧١) في كتاب التفسير باب تفسير سورة تبت يدا أبي لهب.
(٥) أمّا ورَهْطَكَ منهم الُمخْلَصِيْنَ فهي قراءة شاذة أو كانت قراءة ثم نسخت.

<<  <   >  >>