للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١)} وقد تب هكذا قرأها الأعمش يومئذ.

فهذه الواقعة العظيمة التي تُرجمت قرآناً يتلى ودونت في صحيح الإمام محمد بن إسماعيل البخاري تعد من أبرز المشاهد التي رافقت صدر الإسلام حيث وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبل الصفا ليعلن من هناك الجهر بالدعوة الإسلامية لتبدأ سلسلة من الأحداث الجهادية أظهر فيها محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكريم من الصبر والثبات ما لا تحتمله الجبال حتى رفع الله بصدقهم ويقينهم بوعد الله الذي لا يُخْلَفُ راية هذا الدين عالية خفّاقة.


= (لا ننكرها بل ننكر توظيفها لأغراض شتى)، ولزوم تعظيمهم، حين تدّعي هذه الفئة الغلو في الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترفع من شأن أبي لهب بزعم أنه صنو أخيه عبد الله، ثم تمهد بسذاجة وجهل للقول: إنه من آل البيت! وإنه ممّن غفر له ذنبه! هذا الهراء الفاسد لا رصيد له في البحث العلمي المجرد، وهو ينطوي على تناقض يبطل عقيدة التوحيد؛ لأن فيه تخطئة للأمة المعصومة ورمياً بالسهام المسمومة للسلف الصالح، وتكذيباً للقرآن الكريم في صريح آياته، واستخفافاً بالعقل! إذ كيف يستحيل المعاند المكذب لله ولرسوله ولكتابه إلى مؤمن لمجرد النسب وهو الذي صرحت آيات الله عزَّ وجلَّ بإدخاله وإدخال زوجه الحاقدة نار جهنم.
فالحذر كل الحذر مما تنفثه الدعوات المكشوفة التي تصطاد الجهلاء في طريقها. هذا الصخب الممجوج الأَوْلى في أدعياء الحب من أصحابه أن يلقوا بهذا الكلام ظِهْرِيَّاً تقرُّباً إلى ربِّ العزة الذي صرّح بهلاك هذا الخصم في سورة تحمل اسمه. ثم نقول لهم: أليس ابن عباس ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو مَن روى لنا الحديث الآنف الذكر؟ .
إن أخشى ما أخشاه أن يعمد بعض المتعصبين الجهلة المتأثرين بتلك الضلالات، إلى دار أبي لهب التي قُبر فيها في مكة المكرمة رمياً بالحجارة من قبل أبنائه بعد أن أصيب بمرض مُعْدٍ نهشه نهشاً وصرف عنه أقرب المقربين إليه، أقول: أن يعمدوا إلى قبره المشؤوم هذا فيتخذوه مزاراً - على مرور الأيام - يأتيه أتباعهم، ليجددوا باسم الغيرة عداوته المستحكمة على حرمات هذا الدين! .
ولكي أوثق كلامي أكثر فسأسوق لك عبارة عنه بقلم إمام جليل يَعْرِفُ علمَه القاصي والداني. يقول الإمام العلامة الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في "فتح الباري" ج ٨ ص ٩٤٢: "وأبو لهب هو ابن عبد المطلب، اسمه عبد العزّى، وأمه خزاعية وكُني أبا لهب إما بابنه لهب، وإما بشدة حُمْرَة وَجْنَته ... قال الواقدي: كان من أشد الناس عداوة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - " ثم قال: "وتبّ خسر. ثم قال عن امرأته بأن اسمها أرْوى ولقبها العوراء، وبأنها كانت تمشي في نميمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوقد العدواة عليه، فكنى القرآن بحملها الحطب عن ذلك".

<<  <   >  >>