للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس قال: قالت قريش

للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: اُدع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهباً ونؤمنَ بك قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم قال: فدعا فأتاه جبريل فقال: إن ربك يقرأ عليك السَّلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة. قال: "بل باب التوبة والرحمة" (١).

ثالثاً: ما أخرجه مسلم في صحيحه عن الوفود التي وفدت على معاوية في رمضان وكان فيما بينهم أبو هريرة راوي الحديث الذي خاطب جموعهم قائلا: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار فذكر فتح مكة وما كان فيه من أحداث جليلة، ومن ذلك قول أبي هريرة: فنظر فرآني أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو هريرة: قلت: لبيك يا رسول الله فقال: لا يأتيني إلّا أنصاري ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأنصار أن يوافوه عند الصفا (٢)، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة المكرمة وصعد على الصفا ثم جاءت الأنصار فأطافوا بالصفا ثم جاء أبو سفيان إلى الصفا فقال يا رسول الله خضراء قريش لا خضراء بعد اليوم، فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن" (٣)

فتأثرت الأنصار من هذا الكلام فقالت: أما


(١) جاء في الموسوعة الحديثية على مسند الإمام أحمد تحت برقم (٢١٦٦): إنّ هذا الحديث إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) هذا الكلام قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصار على أبوب مكة قبل دخولها وواعدهم أنّ اجتماعه بهم بعد الدخول على الصفا.
(٣) هذا الحديث احتج به جمهور العلماء - كما قال النووي - لقولهم: إن مكة دُخِلَتْ عنوة، وكذا احتجوا بحديث أمّ هانئ قال واحتجّ الشافعي بالأحاديث المشهورة بأنه - صلى الله عليه وسلم - صالحهم بمرّ الظهران قبل دخول مكة. اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ١٢ ـ ص ٤٦٧ ـ وقال العلامة محمد بن عبد الله الزركشي: مذهبنا أن مكة فتحت صلحاً لا عنوة لكن دخلها - صلى الله عليه وسلم - للقتال خوفاً من غدر أهلها. اُنظر إعلام الساجد ص ١٨١. أقول: مرّ الظهران يبعد عن مكة المكرمة خمسة وعشرين كيلو متراً تقريباً بوادي يعرف بوادي فاطمة وهي أرض زراعية خصبة تكثر فيها المياه. ويشتهر مرّ الظهران اليوم بالجموم وينتهي بالنّورية حيث يبدأ وادي سَرِف الذي مرّ ذكره ..

<<  <   >  >>