للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته! فلما نزل الوحي أخبر بذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فالتفت - صلى الله عليه وسلم - إلى الأنصار فأقرّوه بما قالوا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلا، إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله، وإليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلّا الضنَّ (١) بالله وبرسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ورسولهَ يصدِّقَانِكُمْ ويعذِرَانِكُمْ" (٢).

ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم طاف بالبيت، ثم أتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس وهو آخذ بِسِيَةِ (٣) القوس، فجعل يطعن الصنم في عينه ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: ٨١] فلمّا فرغ من طوافه (٤) - صلى الله عليه وسلم - أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء الله له أن يدعو (٥).

ومن تمام الرواية ما حكاه أبو هريرة عن قيام خالد بن الوليد والزبير بن العوام على مُجَنَّبَتي (٦) جيش الفتح وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخالد ومن معه: "موعدكم الصفا".


(١) أي إلّا شحاً بك أن تفارقنا.
(٢) هذا من رفيع أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - وحسن عشرته وصدق وفائه لمن صدق العهد والصحبة معه.
(٣) بالتخفيف هي المنعطف من طرفي القوس.
(٤) قال الإمام النووي: "وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - دخلها في هذا اليوم وهو يوم فتح مكة غير محرم بإجماع المسلمين، وكان على رأسه المغفر، والأحاديث متظاهرة على ذلك، والإجماع منعقد عليه ثم قال " ..... مذهب الشافعي وأصحابه وآخرين أنه يجوز دخولها حلالاً للمحارب بلا خلاف، وكذا لمن يخاف من ظالم لو ظهر للطواف وغيره. وأما من لا عذر له أصلاً فللشافعي - رضي الله عنه - فيه قولان مشهوران: أصحهما أنه يجوز له دخولها بغير إحرام لكن يستحب له الإحرام والثاني لا يجوز ... ". اُنظر شرح النووي على صحيح مسلم ص ١٢ ـ ص ٤٦٦.
(٥) أذكر بأنني قد أتصرف قليلاً في نص الحديث وقد أحذف منه مراعاة للتسهيل والتوضيح والاختصار.
(٦) المجنبتان الميمنة والميسرة.

<<  <   >  >>