للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دخل مكة فاتحاً حلالاً ومغِفَر القتال على رأسه الشريف.

إن إنفراد رواية مسلم بمشهد واحد مما ذكرته ليكفي للدلالة على فضيلة الصفا فكيف وقد اجتمع فيها أربعة مشاهد رائعة لو تعمدنا استقصاء تفصيلاتها لتطلب منا ذلك إفرادها ببحث مستقل نفيس.

رابعاً: ماجاء في تفسير الطبري والشوكاني لقوله تعالى {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرِجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل: ٨٢].

فدابة الأرض واحدة من علامات القيامة الكبرى التي تخرج بين يدي الساعة.

هذا الحدث الجلل تعددت أقوال المفسرين في المكان الذي تخرج منه: فمن قائل: إنها تخرج من تهامة. ومن قائل: إنها تخرج من صخرة من شعب أجياد. ومن قائل: إنها تخرج من صدع في الكعبة (١). لكن الكثير من الأقوال تذكر أن دابة الأرض تخرج من الصفا، وفي هذا أخرج الإمام الطبري عن عطاء قال: رأيت عبد الله بن عمرو وكان منزله قريباً من الصفا رفع قدميه وهو قائم وقال: لو شئت لم أضعْها حتى أضعها على المكان الذي تخرج منه الدابة. وروى كذلك عن حسان بن حمصة قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: لو شئت لانتعلت بنعلي هاتين فلم أمس الأرض قاعداً حتى أقف على الأحجار التي تخرج الدابة من بينها ولكأني بها قد خرجت في عقب ركب من الحاج قال: فما حججت قط إلّا خفت تخرج بعقبنا.

كما روى الإمام الطبري عن حذيفة بن اليمان قال: قلت يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أين تخرج؟ - أي الدابة- قال: من أعظم المساجد حرمة على الله بينما عيسى يطوف بالبيت


(١) اُنظر الفتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للإمام محمد ين علي الشوكاني ج ٤ ص ١٥١.

<<  <   >  >>