للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعه المسلمون إذ تضطرب الأرض تحتهم تحرُّك القنديل، وينشق الصفا مما يلي المسعى، وتخرج الدابة من الصفا، أول ما يبدو رأسها ملمعة ذات وبر وريش لم يدركها طالب، ولن يفوتها هارب، تُسمِّي الناس: مؤمن وكافر، أما المؤمن فتترك وجهه كأنه كوكب دري وتكتب بين عينيه: مؤمن. وأما الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء: كافر (١). وفي رواية أُخرى له عن حذيفة بن أسيد قال: للدابة ثلاث خرجات: خرجة في بعض الوادي ثم تكمن، وخرجة في بعض القرى حين يهريق فيها الأمراء الدماء ثم تكمن، فبينا الناس عند أشرف المساجد وأعظمها وأفضلها إذْ ارتفعت بهم الأرض فانطلق الناس بهم هراباً وتبقى طائفة من المؤمنين ويقولون: إنه لا ينجينا من الله شيء فتخرج عليهم الدابة تجلو وجوههم مثل الكوكب الدري ثم تنطلق فلا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب، وتأتي الرجل يصلي فتقول: والله ما كنت من أهل الصلاة فيلتفت إليها فتخطمه. وفي رواية له أن عمر قال: يبيت الناس يسيرون إلى جمع وتبيب دابة الأرض تسايرهم فيصبحون وقد خطمتهم من رأسها وذنبها فما من مؤمن إلّا مسحته ولا كافر ولا منافق إلّا تخبطه (٢).

هذه الدابة (٣) تخرج يوم يسخط الله على العباد ويغضب عليهم حين يعم الفساد


(١) في رواية عند الطبري: تخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتختم أنف الكافر بالخاتم حتى إن أهل البيت ليجلسون على المائدة فيعرف المؤمن من الكافر وكذلك أهل الأسواق وهو يتبايعون.
(٢) اُنظر جامع البيان في تفسير القرآن للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ج ٢٠ ص ١٠ ـ ١١. أقول: والأقوال الثلاثة - إن صحت - فهي متقاربة؛ لأن الصفا هو في أصل جبل أبي قبيس وهو امتداد لأعظم المساجد حرمة وهو المسجد الحرام، ولو أنه ليس منه.
(٣) في قول هي الجاسة وفي قول رجحه القرطبي أنها فصيل ناقة صالح تخرج عند اقتراب الساعة وتكون من أشراطها. اُنظر فتح القدير للشوكاني ج ٤ ص ١٥١.

<<  <   >  >>