للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسعي، فإن طاف في يوم وسعى في آخر جاز ذلك مع الكراهة حتى لو توقف أثناء السعي لحديث أو غيره جاز لكن كره له ذلك أيضا (١). قال الإمام النووي:

"ويستحب الموالاة (٢) بين مرات السعي، وبين الطواف والسعي، فلو تخلل بينهما فصل لم يضر بشرط أن لا يتخلل بينهما ركن فلو طاف للقدوم ثم وقف بعرفة لم يصح سعيه بعد الوقوف مضافاً إلى طواف القدوم، بل عليه أن يسعى بعد طواف الإفاضة (٣). وإذا لم يتخلل ركن فلا فرق بين تأخير السعي عن الطواف، وتأخير بعض مرات السعي عن بعض، وكذا بعض مرات الطواف عن بعض حتى لو رجع إلى وطنه ومضى عليه سنون كثيرة جاز أن يبني على ما مضى من سعيه وطوافه لكن الأفضل الاستئناف" (٤).

وقال الإمام النووي أيضا: "والموالاة بين مرات السعي مستحبة فلو فرق بلا عذر تفريقاً كثيراً لم يضر على الصحيح كما سبق لكن فاتته الفضيلة. ولو أقيمت الجماعة وهو يسعى أو عرض له مانع قطع السعي فإذا فرغ بنى على ما مضى" (٥).

وافترق السعي عن الطواف فلا يسن عقبه صلاة؛ لأنه لم يثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك لا غرو أن نجد الإمام عمرو بن الصلاح رحمه الله يقول: ينبغي أن يكره ذلك؛ لأنه ابتداع شعار" (٦).


(١) المنهاج القويم على المقدمة الحضرمية للعلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي ص ٤٢٥، والفقه الإسلامي وأدلته. د. وهبة الزحيلي ص ٢٢٣٠.
(٢) الموالاة بين الأشواط شرط عند المالكية والحنبلية وسنة عند غيرهم كالطواف.
(٣) قال أستاذنا الدكتور مصطفى البغا في الهدية المرضية ص ٦٠٢ "لأنه دخل وقت طواف الفرض فلا يقدم عليه السعي".
(٤) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٢٩٤.
(٥) نفس المرجع ص ٢٩٧.
(٦) اُنظر نفس المرجع ص ٢٩٧ ـ وقد قال الإمام ابن حجر الهيتمي في تعقيبه على كلام ابن الصلاح. "ما ذكره ابن الصلاح رجحه في المجموع، وقال الأذرعي: إنه الوجه، ونقله ابن خليل عن الأصحاب وقول بعض الحنفية إنهما سنه لما رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان عن المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من سعيه جاء حتى إذا حاذى الركن فصلى ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطائفين أحد" مردود منشؤه أنه تصحف عليه سبعه بسعيه؛ لأن المحب الطبري رواه عمن ذكر من ابن حبان وغيره بلفظ: حين فرغ من سبعه بالموحدة أي طوافه. وعلى تسليمه فلا دليل على أن الركعتين من سنن السعي لجواز كونها راتبة أو تحية للمسجد فهي واقعة عين احتملت فلا دليل عليها".
أقول وقد عدت إلى مسند الإمام أحمد فوجدت الحديث كما قال ابن حجر عن المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من أسبوعه أتى حاشية الطواف فصلى ركعتين وليس بينه وبين الطواف أحد" برقم الحديث: (٢٧٢٤٤). كما وجدته عند ابن ماجة بلفظ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يؤيد كلام العلامة ابن حجر سياق الحديث وعنوان ابن ماجة حيث قال: باب الركعتين بعد الطواف كما وجدته في سنن أبي دواد برقم (٢٠١٦). ومما ينفي الاستشهاد بالحديث وفق ما قاله بعض الحنفية هو ضعف الحديث فقد جاء في الموسوعة الحديثية على مسند الإمام أحمد: إسناده ضعيف لإبهام الواسطة بين كثير بن كثير (أحد رواة سند الحديث) وجده وبقية رجاله رجال الصحيح. اُنظر ج ٤٥ ص ٢١٥.

<<  <   >  >>