للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسائنا فنأتيَ عرفة تقطر مذاكيرنا المنيَّ" (١). قال الإمام النووي: "هو إشارة إلى قرب العهد بوطء النساء" (٢).

وبالفعل فقد اغتنموا فرصة الأيام الحلال ليستمتعوا بوطء نسائهم مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعزم عليهم بوطء النساء بل أباحه لهم فقط، وإنما عزم عليهم في الإحلال من الإحرام لمن لم يسق الهدي. كل هذا أبرز الانسجام التام بين هؤلاء الغرِّ الميامين وقائد حملتهم محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

قال الإمام النووي فيما نقله عن القاضي عياض بما يشير إلى جانب مما ذكرت: "قال القاضي عياض رحمه الله: الذي تدل عليه نصوص الأحاديث في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من رواية عائشة وجابر وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قال لهم هذا القول بعد إحرامهم بالحج في منتهى سفرهم ودنوهم من مكة بِسَرِف كما جاء في رواية عائشة أو بعد طوافه بالبيت وسعيه كما جاء في رواية جابر ويحتمل تكرار الأمر لذلك في الموضعين (٣) وأن العزيمة كانت آخراً حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة" (٤).

ثم قال إمامنا النووي في موضع آخر: "قال العلماء خّيرهم أولاً بين الفسخ وعدمه ملاطفة لهم وإيناساً بالعمرة في أشهر الحج؛ لأنهم كانوا يرونها من أفجر الفجور، ثم حتَّم عليهم بعد ذلك الفسخ وأمرهم به أمر عزيمة، وألزمهم إياه، وكره ترددهم في قبول ذلك،


(١) صحيح مسلم برقم (١٢١٦/ ١٤١).
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٣٢٤.
(٣) الرأي الذي يذهب إلى تكرار قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بأن يحلوا من إحرامهم مَنْ لم يسق الهدي هو الذي أَعَتمِدْهُ في هذا البحث فيما سبق من بيان.
(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٣٠٦ باب بيان وجوه الإحرام بيان حج الحائض.

<<  <   >  >>