ففي الرواية الثانية نقرأ قولها:"فلم أزل حائضاً حتى كان يوم عرفة".
وفي الرواية الرابعة:"فأدركني يوم عرفة وأنا حائض لم أحل من عمرتي".
وفي الرواية السابعة:"أنها لم تطهر حتى نزلت منى".
وفي الرواية السادسة:"أنها طهرت يوم النحر".
هذه الروايات ليس فيها مشكلة؛ لأنها تصرّح بأنّ سيدتنا عائشة إلى يوم عرفة لم تكن قد طهرت بعد، وأنها طهرت بعد ذلك يوم النحر في منى، ومن المعلوم بداهة أن أيام منى تبدأ من يوم النحر اليوم العاشر من ذي الحجة.
المشكلة هي في الرواية الثانية عشرة التي صرحت بأنها تطهرت في عرفة. وهذا برأيي غير ذي بال؛ لأن يوم عرفة متصل بيوم النحر فربما انقطع الدم في عرفة، ثم لم تجد الماء للاغتسال إلّا يوم النحر أو أنها طهرت ثم ارتد عليها الدم فصار طهرها النهائي في اليوم التالي.
وأيّاً ما كان الأمر فإن يوم عرفة لا يكفي لو طهرت فيه لأداء مناسك العمرة والتحلل منها ثم الإحرام بالحج والوصول إلى عرفة قياساً على إمكانيات ذلك العصر في المواصلات، وهذا أحد الأسباب في بكائها، لكن دموعها الغالية على قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تجد من يمسحها ليَطيْبَ خاطرُها سوى حبيبها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، فإذا بالحكمة النبوية المقتبسة من وحي السماء تشق طريقها إلى تأوّهها لتضع عليها بلسماً لا شك في نجاحه وهي التي بذلت جهوداً مضنية مذ خرجت في القافلة تريد الحج لخمس بقين من ذي القعدة، كما أوردته لنا الرواية الثامنة.
وجه الفتوى النبوية الحكيمة برزت في مخاطبة عائشة لإدخال الحج على عمرتها وبذلك تصير قارنة تجمع في ذات الوقت بين العمرة التي أهلّتْ بها، والتي لم تدخل في