للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البقرة: ١٩٩]، ولهذا قال جابر - رضي الله عنه - "فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة" (١).

إنها العودة بهذه الفريضة الشامخة إلى سكة الرسل والأنبياء وفي مقدمتهم خليل الرحمن باني البيت بأمر من ربه المتعال، مروراً بكليم الله موسى - عليه السلام -، وبروح الله وعبده الكريم عيسى بن مريم عليه منا أزكى تحية وتسليم.

إنه تصحيح للمسار الذي تدخلت فيه يوماً أهواء الجانحين ومطامع الشاذين الحالمين على حساب العقيدة والنهج الإلهي وحكمة رب العالمين.

وإنه الإصلاح دونما تنازل أو مراوغة في لوحة تنطق بحرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تقصد على مخالفة المشركين وإمساكه بعناية لدفة سفينة الركن الخامس في توجيه بوصلته من جديد إلى الأصول الصحيحة والجذور الراسخة وهي الخطوات التي توّجها رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع حين ألقى تحت قدميه بقايا الجاهلية دون لبس أو تأويل (٢).

روى ابن ماجة في سننه عن يزيد بن شيبان قال: كنا وقوفاً تُباعده من الموقف (٣)، فأتانا ابن مربع فقال: إني رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم يقول: "كونوا على مشاعركم فإنكم اليوم على إرثٍ من إرث إبراهيم" (٤).


(١) قال الإمام النووي: "أما أجاز فمعناه جاوز المزدلفة ولم يقف بها بل توجه إلى عرفات. وأما قوله: حتى أتى عرفة فمجاز والمراد قارب عرفات؛ لأنه فسره بقوله: وجد القبة قد ضربت بنمرة فنزل بها، وقد سبق أن نمرة ليست من عرفات، وقد قدمنا أن دخول عرفات قبل صلاتي الظهر والعصر جميعاً خلاف السنة". اُنظر النووي على صحيح مسلم ج ٨ ص ٣٣٨.
(٢) هذا ما سيأتي معك مفصلاً بإذن الله من كلام جابر.
(٣) أي واقفين في مكان تعده وتراه بعيداً من موقف الإمام، وهو هنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصل الكلام من باعد بمعنى بعّد، أي مكاناً تُقَدِّر بُعدَه.
(٤) سنن ابن ماجة برقم (٣٠١١).

<<  <   >  >>