ساحات أمتهم الإسلامية الآمنة إلى أرض وغى لا يأمن فيها المسلم على عرض أو دم أو مال! فأين نحن من وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي ارتقت إلى رتبة الحظر القضائي الذي لا طعن فيه ولا رجوع عنه ولا تقصير لشأنه حين جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - دم المسلم خاصة ودم الإنسان عامة خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه ولايصح الاعتداء عليه وهو القائل:"لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" أي لا ترجعوا بعدي كالكفار يستبيح أحدكم دم إخوته من البشر في نزاعهم حول السلطة والمنافع (١)
ومن يدري فلعله - صلى الله عليه وسلم - ذكر لفظ الكفار إشارة منه إلى جماعات شاذة تتغنى بتكفير المجتمع الإسلامي وقتاله تتوسل بذلك سبيلاً معبدة في رأيها للنيل من الدماء البريئة دون أن تعلم أن الكفر لا يجيز دماً وأن الإيمان سيظل ينازع الكفر في كافة ساحات الدنيا دون أن تمتد يد المسلم إليه بلغة الاستئصال؛ لأن هذا يتعارض مع القاعدة الديمقراطية الأولى في إرساء المجتمع الإسلامي وهي قوله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}[البقرة: ٢٥٦] وقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}[هود: ١١٨].
ولقد كرر صلوات الله وسلامه عليه هذه الوصية المقررة وهو ينظر إلى وجوه أصحابه في خاتمة خطاب المنهج والميثاق وأكد ضرورة الالتزام بها حين قال:"تَعْلَمُنَّ أنّ كلَّ مسلم أخٌ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلّا ما أعطاه عن طيب نفسٍ منه، فلا تظْلِمُنّ أنفسكم، ألا هل بلغت؟ ".
(١) هذا ما أدين الباري عزَّ وجلَّ به ولا أقصد به زلفى من أحد غير الله عز وجل لذلك أُأَكد في هذه الحاشية تحريم دماء المسلمين وسائر البشر إلا بحق الإسلام وفق ما ذكرت، وهو الخطاب الذي يطال بالتحريم كل من أراق دم مسلم عن قصد وبغير حق سواء كان من موقع الجهاد والدعوة أو كان في موقع صانع القرار أو كان فرداً عادياً من أفراد الأمة فالدم هو الدم له حرمته الثابتة التي لا يجرؤ عليها إلا المعتدون في تطرف مقيت ممجوج ..