للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولبيان مزيد من الفائدة أنقل لك ما نص عليه الإمام النووي حول هذه النقطة: "فمن كان من أهل العبادة وحصل في جزء يسير من أجزاء عرفات في لحظة لطيفة من وقت الوقوف المذكور صح وقوفه حضرها عمداً أو وقف مع الغفلة أو مع البيع والشراء أو التحدث واللهو أو في حالة النوم أو اجتاز في عرفات في وقت الوقوف وهو لا يعلم أنه عرفات ولم يلبث أصلاً بل اجتاز مسرعاً في طرف من أرضها المحدودة أو كان نائماً على بعيره فانتهى به بعيره إلى عرفات فمر بها البعير ولم يستيقظ راكبه حتى فارقها أو اجتازها في طلب غريم هارب بين يديه أو بهيمة شاردة أو غير ذلك مما هو في معناه صح وقوفه في جميع ذلك ولكن تفوته كمال الفضيلة" (١).

شرط الأهلية الذي قال به الشافعية وافقهم في القول به الحنبلية بخلاف الحنفية والمالكية الذين أجازوا وقوف المغمى عليه ولو كان إغماؤه مطبقاً بحيث أُدخل إلى عرفة وهو في حالة فقدان الوعي ولم يُفِقْ حتى خرج منها؛ لأنهم لم يشترطوا للوقوف نية ولا طهارة، وبالتالي لا يشترط عندهم كونه أهلاً للعبادة، فيصح في اجتهادهم وقوف المغمى عليه والمار بها ولو لم يعلم أنها عرفة ما دام قد مر في زمن الوقوف المذكور (٢).

وفي رأيي هذا تيسير من الله على عباده بوجود فتاوى من هذا النظير لأئمةٍ معتمدين من رجال السلف الصالح، فما نشاهده كل عام يوم عرفة من سيارات إسعافية تحمل بمجموعها الكثير من الحجاج المرضى الذين فجأتهم أزمات فإذا بهم يدخلون معها في سبات تام وهم لا يزالون في حالة إحرام فهؤلاء يصح وقوفهم على


(١) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٣١٥ - ٣١٦.
(٢) اُنظر الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ص ٢٢٣٤ والحج والعمرة في الفقه الإسلامي للدكتور نور الدين عتر ص ٧٠.

<<  <   >  >>