للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مذهبي الإمامين الجليلين أبي حنيفة ومالك رحمها الله تعالى ولله الحمد والمنة.

ثالثاً: الأصح في مذهب الشافعية أن الوقوف راكباً هو الأفضل اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقول جابر: ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات (١) قالوا: ؛ ولأنه أعون على الدعاء وهذا هو المهم في عرفات.

رابعاً: الأفضل تحري موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرب جبل الرحمة المنتصب بوسط جبل عرفات حيث وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الصخرات الكبار المفروشة أسفل الجبل بحيث يكون الجبل قبالة الواقف إذا استقبل القبلة ويكون طرف الجبل تلقاء وجهه (٢).

يفعل الحجاج هذا مالم يخشَ أحدهم مزاحمة بعضهم بعضاً، أو إيقاع الأذى فيما بينهم، أو التيه عن الرفقة والصحبة فحينئذ الابتعاد أولى مراعاة لمصلحة المسلمين العامة.

أما صعود جبل الرحمة بقصد السنة والخصوصية فهذا مما لا أصل له وهو عمل غير مشروع إن كان المقصود تحصيل فضل زائد عن الموقف لذلك قال الإمام النووي: "وأما ما اشتهر عند العوام من الاعتناء بالوقوف عند جبل الرحمة الذي بوسط عرفات كما سبق بيانه وترجيحهم له على غيره من أرض عرفات حتى ربما توهم كثيرٌ من جهلهم أنه لا يصح الوقوف إلّا به فخطأ مخالف للسنة ولم يذكر أحد ممن يعتمد عليه في صعود هذا


(١) في هذه المسألة خلاف بين العلماء، وعند الشافعية قول آخر يذهب إلى أن غير الراكب أفضل، وقول ثالث يذهب إلى أن الراكب وغير الراكب سواء. اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ٨ ص ٣٤١.
(٢) قال ابن حجر الهيتمي في حاشيته على شرح نور الإيضاح للنووي ص ٣١٢: "وأحسن من حرر ذلك البدر بن جماعة وجمع فيه بين الروايات ونقله عن العزّ وغيره وأقروه، فقال: إنه الصخرة المستعلية المشرفة على الموقف وهي من وراء الموقف صاعدة في الرابية هي التي عن يمينها وورائها صخر ناتئ متصل بصخرة الجبل المسمى جبل الرحمة وهذه الصخرة بين الجبل المذكور والبناء يساره وهي إلى الجبل أقرب بقليل فمن ظفر بذلك وإلا فليقفْ بين الجبل والبناء المذكور على جميع الصخرات والأماكن التي بينها لعله أن يصادف الموقف النبوي اهـ قال الفاسي والبناء المربع المشار إليه هو المسمى بيت آدم وكان سقاية للحاج عمّرَتْها والدة المقتدر العباسي ... ".

<<  <   >  >>