للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجبل فضيلة إلّا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري فإنه قال يستحب الوقوف عليه وكذا قال أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري صاحب الحاوي من أصحابنا: يستحب أن يقصد هذا الجبل الذي يقال له جبل الدعاء قال: وهو موقف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وهذا الذي قالاه لا أصل له ولم يرد فيه حديث صحيح ولا ضعيف والصواب الاعتناء بموقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي خصه العلماء بالذكر والتفضيل وحديثه في صحيح مسلم وغيره وقد قال إمام الحرمين: في وسط عرفات جبل يسمى جبل الرحمة لا نُسُكَ في صعوده وإن كان يعتاده الناس.

فإذا عرفت ما ذكرناه فمن كان راكباً فليخالط بدابته الصخرات المذكورة وليداخلها كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كان راحلاً قام على الصخرات أو عندها على حسب الإمكان بحيث لا يؤذي أحداً، وإذا لم يمكنه ذلك الموقف فيقرب مما يقرب منه ويتجنب كل موضع يؤذي فيه أو يتأذى ... " (١).

هذا في حق الرجل أما المرأة فالمستحب لها أن تكون في حاشية الموقف لا أن تقف عند الصخرات أو في الزحمة؛ لأنه يستحب أن تؤدي الوقوف في عرفات قاعدة؛ لأنه أستر لها (٢).

خامساً: من السنة استقبال القبلة في وقوف عرفات سيان في ذلك وضع الدعاء أو غيره (٣)؛ لقول جابر: "واستقبل القبلة"، وهكذا فالكعبة والبيت والحرم يظل هذا كله حاضراً بقوة في وقوف ضيوف الرحمن في أرض الحل عرفة حتى ولو لم يكونوا في صلاة أو دعاء وفي هذا ترويض للمسلم ليبقى قلبه مشدوداً وبصره ممدواً إلى حيث المحور


(١) اُنظر نفس المرجع ص ٣١٦ - ٣١٧.
(٢) هذه المسألة نص عليها الماوردي من الشافعية. اُنظر نفس المرجع ص ٣١٨.
(٣) اُنظر المنهاج القويم على المقدمة الحضرمية للعلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي ص ٤٢٧.

<<  <   >  >>