للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولدى النظر في كلام الشافعية نجده على اتفاق مع صريح الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي عن عروة بن مُضَرِّس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد أتم حجه وقضى تفثه" (١).

عاشراً: يوم عرفة هو أعظم الأيام عند الله تعالى فيه يجتمع سر المكان الذي اختاره ربنا لضيوفه من رسل وأنبياء وأولياء ووافدين من لدن آدم إلى أن يقوم الناس لرب العالمين (٢)، وسر الزمان الذي تدنوا في ساعاته المباركة رحمة الله من عباده الشعث الغبر المتذللين إليه بحاجتهم وسحائب فضله وكرمه، وسرّ الأشخاص بما يجمع فيه الباري من الخواص، لذلك فإن هذا المجمع العظيم والموقف الجسيم هو أعظم مجامع ومواقف الدنيا على الإطلاق لما يفيض فيه ربنا سبحانه وتعالى من فيوضات إيمانية تنسكب في أفئدة عباده الواقفين تحرك فيه قلوباً لطالما تجمدت بصقيع المادة ولهيب الشهوات الجانحة، فتذرف من عيونهم دموع لطالما حبست فلم تخرج ببواعث الرغبة والرهبة.

فالموقف في زمانه المعهود ومكانه المقصود وواقفيه المخصوصين هو نفحة إيمانيه


(١) اُنظر الموسوعة الحديثية على مسند الإمام أحمد برقم (١٦٢٠٨) وقد جاء فيها حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
(٢) روى الإمام البيهقي في السنن الكبرى برقم (٩٥٥٩) عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة: "لا إله إلا الله". قال الإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي: تفرد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف ولم يدرك أخوه علياً - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>