للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينظرون ما يفعل الله بهم، فإذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل يقول: "كنت أستفزهم حقباً من الدهر ثم جاءت المغفرة فغشيتهم فيتفرقون وهم يدعون بالويل والثبور" (١). ولما رواه أبو يعلى عن أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله تطوّل على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة يقول: ياملائكتي انظروا إلى عبادي شُعثاً غُبراً، أقبلوا يضربون إليّ من كل فج عميق، فأُشهدكم أني قد أجبتُ دعاءهم، وشفعت رغبتهم، ووهبتُ مسيئهم لمحسنهم، وأعطيت محسنهم جميع ما سألوني غير التبعات التي بينهم، فإذا أفاض القوم إلى جمع ووقفوا وعادوا في الرغبة والطلب إلى الله، فيقول: ياملائكتي: عبادي وقفوا فعادوا في الرغبة والطلب فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم، وشفعت رغبتهم، ووهبت مسيئهم لمحسنهم، وأعطيت محسنهم جميع ما سألوني، وكفلتُ عنهم التبعات التي بينهم" (٢).

فمزدلفة جميعاً موقف (٣) لضيوف الرحمن يحطون عندها رحالهم، ويؤدون فيها صلاتهم، تلهج فيها بالدُّعاء والابتهال ألسنتهم، وترقص من الفرحة قلوبهم، فهاهم يوفقون إلى موقف التذلل والنور والرجاء في مزدلفة كما وفقوا من قبل في عرفة، وها هي أبواب الحرم المكي تفتح لهم على مصراعيها فيدخلون ويبيتون ويتخذون من المشعر الحرام محطة نسك، ونقطة استعداد للوصول إلى قلب مكة المكرمة لتتويج تلك الفريضة بطواف الزيارة حول الكعبة المشرفة في اختتام ممسَّك لأركان هذه الفريضة التي بدأت من أرض


(١) قال صاحب مجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٥٦ - ٢٥٧. رواه الطبراني في الكبير وفيه راو لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٢) قال صاحب مجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٥٧. رواه أبو يعلى وفيه صالح المري وهو ضعيف.
(٣) روى الإمام أحمد في مسنده برقم (٥٦٢) في الحديث الطويل: "هذا الموقف. عرفة كلها موقف ... " ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "هذا الموقف، وجمع كلها موقف ... " ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "هذا المنحر، ومنى كلها منحر ... ". قال في الموسوعة الحديثية في دراسته لهذا الحديث: إسناده حسن وفي رواية أخرى عند أحمد رقمها (٥٦٤): هذا الموقف وكل مزدلفة موقف".

<<  <   >  >>