للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والخلاصة أن موقف جمع تماماً كموقف عرفة له ما يخصه من الزمان والمكان المجزئ، وما يحيط به من الأحكام والمناسك والآداب التي أستطيع تلخيصها بالفقرات التالية:

الفقرة الأولى:

هيئة الدفع إلى مزدلفة:

من السنة المطهرة أن يغلب على هيئة الحجاج لدى نفرتهم من عرفات إلى مزدلفة سمة السكينة والوقار، وأن يكون سيرهم بين الإبطاء والإسراع على نحوٍ فيه رفق بأنفسهم وبمن حولهم وبالحافلات التي يمتطون مقاعدها.

هذه السنة أوردها أبو داود في سننه عن ابن عباس قال: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة وعليه السكينة ورديفه أسامة وقال: "أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل" (١).

وفي رواية عند البيهقي: "أيها الناس عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس بإيضاع الإبل" (٢).

وفي رواية عند البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دفع مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه زجراً شديداً وضرباً وصَوْتاً للإبل فأشار بسَوْطه إليهم وقال: "أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع" (٣).


(١) أبو داود في سننه برقم (١٩٢٠). وفي القاموس أوجف دابته يوجفها إيجافاً إذا حثها على سرعة السير.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي برقم (٩٥٦٩) ومن تمام الحديث قول أسامة بن زيد: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة وأنا رديفه فجعل يكبح راحلته حتى إن ذِفْرَيْها لتكاد تصيب قادمة الرحل وهو يقول: ... "، ثم ساق الحديث وفي القاموس ذِفْرَي البعير أصل أذنه، وقادمة الرحل هي الخشبة التي في مقدمة كُوْر البعير، وقد سبق بيان ذلك.
(٣) البخاري باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط برقم (١٦٧١) أقول: الزَّجر هو الصياح لحث الإبل، أما السير كما قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري فالمراد به السير بالرفق وعدم المزاحمة وأما الإيضاع فهو الإسراع كما قال البخاري ومنه قوله تعالى {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} [التوبة: ٤٧] أي لأسرعوا بينكم، قال الإمام العسقلاني: "وخص الراكب؛ لأنه أسرع من الماشي". اُنظر فتح الباري ج ٣ ص ٦٥٩ - ٦٦٠.

<<  <   >  >>