للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقرة الرابعة:

في صلاة المغرب والعشاء في مزدلفة:

بعد أن يدخل وقت المغرب في عرفة يدفع الحجاج نحو مزدلفة دون أن يؤدوا صلاة المغرب هناك وإنما ينوون بعد الغروب جمع الصلاتين المغرب والعشاء جمع تأخير على أن يبدؤوا بهما كأول عمل يؤدونه بعد الوصول وقبل أي شيء آخر.

ولقد توقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند شعب من الشعاب فمال إليه وبال فيه، ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء ولم يصلّ فظن أسامة بن زيد وكان رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته القصواء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نسي صلاة المغرب لتأخره لها عن العادة المعروفة لوقتها في غير هذه الليلة فذكّره بها فإذا بالرسول صلوات الله وسلامه عليه يجيبه بما يفيد أنه لم يذهل عنها ولم ينسها وأن وقت فعلها في هذا اليوم تأخر عن زمنه المعهود إلى زمن مؤخر عنه يمتد إلى ما بعد دخول وقت العشاء، وأن أرض عرفة ليست المكان الذي تصلى فيه صلاة المغرب لكن صعيد مزدلفة هو مكان الصلاة في هذه الليلة (١) لذلك قال - صلى الله عليه وسلم - له: "الصلاة أمامك". هذا ما سرده علينا الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: "دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة فنزل الشِّعْبَ فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت له: الصلاة، فقال: الصلاةُ أمامكَ فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله (٢) ثم


(١) جاء في صحيح البخاري برقم (١٦٨٣) باب: متى يصلي الفجر بجمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن هاتين الصلاتين حُوِّلتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب والعشاء فلا يَقْدَمُ الناس جمعاً حتى يُعْتِمُواً ... ".
(٢) قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج ٣ ص ٦٥٨: "وكأنهم صنعوا ذلك رفقاً بالدواب أو للأمن من تشويشهم بها وفيه إشعار بأنه خفف القراءة في الصلاتين وفيه أنه لا بأس بالعمل اليسير بين الصلاتينن اللتين يجمع بينهما ولا يقطع ذلك الجمع".

<<  <   >  >>