للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقيمت الصلاة فصلى ولم يصلّ بينهما" (١).

ولقد كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صادقي المتابعة لأدق جزئيات حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي يتبيّن لنا مما رواه البخاري عن نافع مولى ابن عمر قال: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يجمع بين المغرب والعشاء بجمع غير أنه يمر بالشِّعب الذي أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيدخل فيتبول ويتوضأ ولا يصلي حتى يصلي بجمع" (٢). أي كان يعرّج على الشِّعب الذي بال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقضي فيه حاجته ويتوضأ كوضوئه - صلى الله عليه وسلم - حرصاً منه على أدق تفصيلات الاتباع.

يؤكد هذا أنه لمّا وقع من بعض الخلفاء صلاة المغرب في الشِّعب الذي ذكرته الأحاديث بالمخالفة منهم في ترك تأخير والمغرب العشاء أنكر عليهم عكرمة وهو الذي أخرج له الفاكهي قوله: اتخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الشعب- مبالاً واتخذتموه مصلّى. قال الإمام ابن حجر بعد أن ساق الرواية: وكأنه أنكر بذلك على من ترك الجمع بين الصلاتين لمخالفته السنة في ذلك (٣).

فصلاة المغرب في عرفة تؤخر إلى مزدلفة وصلاة الجمع في مزدلفة هي أول شيء يبدأ به الحاج حين وصوله إليها وذلك قبل حط الرحال وإناخة الجمال (٤). والمعتمد في


(١) صحيح البخاري باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة برقم (١٦٦٨) ومسلم برقم (١٢٨٠/ ٢٦٦) والبيهقي برقم (٩٥٧١).
(٢) صحيح البخاري باب النزول بين عرفة وجمع، برقم (١٦٦٨).
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري ج ٣ ـ ص ٦٥٦ ـ ٦٥٧.
(٤) قال الإمام النووي: "وإذا وصل المزدلفة فقد استحب الشافعي رحمه الله تعالى أن يصلي قبل حط رحله ولا يُنيخ الجمال ويعقلها حتى يصلي؛ لأنه ثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا المغرب والعشاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يحطوا رحالهم حتى صلوا العشاء والله أعلم". اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح للنووي ص ٣٣٧.

<<  <   >  >>