للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مذهب الشافعية أنه يؤخر الصلاتين إلى المزدلفة (١) ما لم يخشَ فوت وقت الاختيار لصلاة العشاء الذي ينتهي بثلث الليل على القول الأصح (٢).

قال الإمام النووي: "فإن خافه (٣) لم يؤخر بل يحمع بالناس في الطريق" (٤).

والسنة في هذا الجمع أن يؤديه بأذان وإقامتين وهو المذهب الثابت عند الشافعية برواية مسلم التي أتى جابر على ذكرها وهي مقدمة على رواية أداء الجمع بإقامتين فقط أو بإقامة واحدة؛ لأن رواية جابر فيها زيادة، وزيادة الثقة مقبولة فكيف إذا جاءت على لسان من اعتنى بحج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفصيلاته الدقيقة التي لا تجدها ضمن هذه الإحاطة عند غيره. قال الإمام النووي عن رواية جابر: "وهذه الرواية مقدمة على الروايتين الأوليين (٥)؛ لأن مع جابر زيادةَ علم، وزيادة الثقة مقبولة؛ ولأن جابراً اعتنى الحديث ونقل حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - مستقصاة فهو أولى بالاعتماد وهذا هو الصحيح من مذهبنا أنه يستحب الأذان للأولى منهما ويقيم لكل واحدة إقامة فيصليهما بأذان وإقامتين ويتأول حديث إقامة واحدة أن كل صلاة لها إقامة ولابد من هذا ليجمع بينه وبين الرواية الأولى وبينه أيضاً وبين رواية جابر .. " (٦).

ولو جمع بينهما في وقت المغرب في أرض عرفات أو في الطريق أو في أي موضع


(١) ويكون هذا التأخير بنية الجمع كما صرح بذلك النووي في شرحه على صحيح مسلم ج ٨ ص ٣٤٣.
(٢) وفي قول عندهم لنصف الليل.
(٣) إي إن خاف فوات وقت الاختيار لصلاة العشاء لم يؤخر الصلاة إلى مزدلفة.
(٤) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٣٣٧.
(٥) الرواية الأولى بإقامتين ذكر ذلك البخاري برقم (١٦٧٣) في باب من جمع بينهما ولم يتطوع، ومسلم برقم (١٢٨٥/ ٢٧٦) أي بإقامة لكل صلاة أما إقامة واحدة فقد رواها مسلم برقم (١٢٨٨/ ٢٨٩) وكذا ما بعده من الحديث.
(٦) صحيح مسلم بشرح النووي ج ٩ ص ٤٠٨. أقول: أما القول الذي يذهب إلى أذان واحد وإقامة واحدة لمجموع الصلاتين فقد قال الإمام القرطبي في تفسيره عن الحديث المرتبط به إنه ليس بالقوي. اُنظر تفسير القرطبي ج ٢ ص ٤٢٠.

<<  <   >  >>