للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخر أو صلى كل واحدة في وقتها جاز وفاتته الفضيلة، وكذا لو صلى وحده لا مع الإمام، أو صلى إحداهما وحده والأخرى مع الإمام ففي كل هذا فعل خلاف الأفضل مع كونه جائزاً. هذا مذهب الشافعية وبه قال جماعات من الصحابة والتابعين كما قال به الإمام الأوزاعي وأبو يوسف وأشهب وفقهاء مدرسة الحديث (١).

أما عن عدد ركعات كل صلاة فيحكيها لنا الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجمع صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة (٢). أي يصليهما جمعاً وقصراً (٣).

يفهم من هذا أن الجمع بين الصلاتين في مزدلفة سنة عند الشافعية واجب عند الحنفية مستدلين بحديث أسامة بن زيد حين قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصلاة أمامك، لذلك قال الحنفية يجب تأخير صلاة المغرب ذلك اليوم إلى المزدلفة لتصلى مع العشاء جمع تأخير وأنه من صلاها في عرفة أو في الطريق إلى المزدلفة وجب في حقه إعادتها (٤) ما لم يطلع الفجر عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف يجزيه: وقد أساء (٥).


(١) أما أبو حنيفة وغيره من الكوفيين فقالوا: يشترط أن يصليهما بالمزدلفة ولا يجوز قبلها. وقال مالك: لايجوز أن يصليهما قبل المزدلفة إلا من به أو بدابته عذر فله ذلك بشرط كونه بعد مغيب الشمس.
(٢) صحيح مسلم برقم (١٢٨٨/ ٢٩٠) وأنبه هنا إلى أنه لا يسبح بين صلاتي المغرب والعشاء كما جاء في حديث جابر أي لا يتنفل، وكذا لا يتنفل على إثر كل واحدة منهما بما في ذلك العشاء كما جاء في رواية البخاري باب: من جمع بينهما ولم ويتطوع. قال الإمام ابن حجر العسقلاني: ويستفاد من هذا أنه ترك التنفل عقب المغرب وعقب العشاء ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرح بأنه لم يتنفل بينهما بخلاف العشاء فإنه يحتمل أن يكون لم يتنفل عقبها لكنه تنفل بعد ذلك في أثناء الليل ومن ثم قال الفقهاء: تؤخر سنة العشاءين عنهما. فتح الباري ج ٣ ص ٦٦١.
(٣) الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ص ٢١٣.
(٤) وقد علل المالكية ذلك بأنها بمنزلة من صلى الظهر والعصر جمع تقديم قبل الزوال فالواجب في حقه الإعادة ما لم يكن ثمة عذر. اُنظر الجامع لأحكام القرآن الكريم للإمام القرطبي ج ٢ ص ٤١٨.
(٥) الحج والعمرة في الفقه الإسلامي للدكتور نور الدين عتر ص ٩٩. وقد نقل عن الحنفية أنه لا تشترط عندهم الجماعة لهذا الجمع؛ لأن صلاة المغرب مؤخرة هنا عن وقتها بخلاف الجمع بعرفة؛ لأن العصر مقدم على وقته.

<<  <   >  >>