للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهما ركن لا يتم الحج إلّا به، أما الوقوف والمبيت بالمزدلفة فهو واجب (١).

والمبيت عند الشافعية يجب بعد نصف الليل ولو ساعة لطيفة منه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بات بها، والمبيت هو المكث بعد نصف الليل فيكون هو الواجب أخذاً من الاستدلال اللغوي؛ ولأن السنة بينت هذا المبيت من خلال الدفع الذي رخص فيه - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب الأعذار بعد منتصف الليل فلو كان المبيت قبل منتصف الليل لأذن لهم بالدفع قبل ذلك وهو ما صرحت به أسماء في رواية مسلم عنها حين قالت: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن للظعن" (٢).

يؤيد ذلك ما أخرجه أبو داود عن عائشة أنها قالت: "أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليومُ اليومَ الذي يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[تعني] عندها" (٣).

فالمبيت هناك نسك، وهو يحصل في أي بقعة كانت من مزدلفة التي سبق تحديدها، فإن دفع من جمع (٤) بعد نصف الليل فلا شيء عليه، أما إن دفع قبل نصف الليل أو ترك


(١) اُنظر الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ص ٢٢٤٥. والمنهاج القويم على المقدمة الحضرمية في فقه السادة الشافعية للعلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الذي ذكر طائفة من الأعذار منها ما سردته عليك أعلاه ومنها الاشتغال عن المبيت بالرعي أو بسقاية الناس. وقد ذكر العلامة الغمراوي في السراج الوهاج على متن المنهاج ص ١٦٣. ما يلي: "أما المعذور بما يأتي في مبيت منى فلا دم عليه جزماً" ثم ذكر في أعذار منى ص ١٦٥. ما يلي: ولأصحاب الأعذار كخائف على نفس أو مال أو متعهد لمريض أو لسقاية.
(٢) مرّ تخريجه في الفقرة التالية عن صحيح مسلّم برقم (١٢٩١/ ٢٩). وقد قال الأمير الصنعاني في سبل برقم ص ٧٤٢. "إن النساء كالضعفة لهذا الحديث".
(٣) سنن أبي داود السجستاني الأزدي برقم (١٩٤٢)، وقد قال فيه الإمام ابن حجر العسقلاني باب: الوقوف بعرفة في ليل أو نهار والوقوف بمزدلفة. رواه أبو داود وإسناده على شرط مسلم.
(٤) قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج ٣ ص ٦٦١: وسميت جمعاً؛ لأن آدم اجتمع فيها مع حواء، وازدلف إليها أي دنا منها".

<<  <   >  >>