للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوادي فوقف، ثم أردف الفضل، ثم أتى الجمرة فرماها" (١).

وذكر الإمام ابن حجر علة الإسراع في ذلك الوادي فقال: وصح أنه - صلى الله عليه وسلم - سار فيه سريعاً، وفي رواية كالخبب، ولعله سار فيه النوعين، والعلة فيه كما في المجموع أن النصارى كانت تقف هناك فنسرع نحن مخالفة لهم، وعبر الغزالي بالعرب بدل النصارى ولا مانع أن كلاً كان يقف ثَمَّ، أو مراده بالعرب العرب من النصارى، وقيل: ومشى عليه المصنف فيما مر؛ لأنه محل هلاك أصحاب الفيل (٢)، وبحثه الإسنوي لعدم روايته له منقولاً، ثم قال: هو كديار ثمود إذ يسن لمن مر بها الإسراع (٣) " (٤).

خامسها: التوجه إلى منى من طريق يختلف عن الطريق الذي سلكه من منى إلى عرفات، أي يخالف بين الطريقين فيذهب إلى عرفات في طريق ضَبّ ويرجع منها إلى منى في طريق المأزمين، وفي ذلك ترسيخ حكمة التفاؤل بتغير الحال إلى أحسن وهو ما صرح به النووي تعليلاً بقوله: "وهذا معنى قول أصحابنا: يذهب إلى عرفات في طريق ضب ويرجع في طريق المأزمين ليخالف الطريق تفاؤلاً بغير الحال كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في دخول مكة حين دخل من الثنيَّة العليا وخرج من الثنيَّة السُّفلى، وخرج إلى العيد في


(١) السنن الكبرى للبيهقي برقم (٩٦٠٩).
(٢) قال ابن الأثير: إن أبرهة لم يدخل الحرم، وقال بعضهم: إن نزول العذاب بأصحاب الفيل كان بمحل بمحاذاة عرفة يسمى المَغمس (بفتح الميم وقد تكسر). قالوا: إن الفيل المذكور لم يدخل الحرم أصلاً. فعلى هذا القول يكون الإسراع في وادي محسر مخالفة للنصارى.
لكن أقول: سواء أدركنا الحكمة من هذا الإسراع أو لا فإننا نفعله اقتداء برسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح للنووي ص ٣٤٨.
(٣) حكم ترك الإسراع أنه خلاف الأولى، ونقل ابن جماعة عن بعض الشافعية أن ترك الإسراع مكروه. اُنظر نفس المرجع والصفحة.
(٤) نفس المرجع والصفحة.

<<  <   >  >>