للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى البيهقي عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء قال: أخبرني مخبر عن أسماء رضي الله عنها أنها رمت الجمرة قلت: إنا رمينا الجمرة بليل قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

ويؤيده ما مر معك في الحديث المتفق عليه عن عائشة أنها تمنت أن لو صنعت ما صنعته سودة وكانت ثَبِطَة أي ثقيلة الحركة. كل هذا يدل على أن جواز الرمي بعد منتصف ليلة النحر لم يكن خاصاً بذوي الحاجات بدليل أن عائشة لم تكن كذلك بل كانت فتاة صغيرة في عمرها عظيمة في شأنها رشيقة في حركتها ومع ذلك فقد تمنت بسبب ما لاقته من جهد ومشقة بالمبيت في مزدلفة أن لو سارت مع من سِرْن لجمرة العقبة ليلاً لهذا قال إمامنا الشافعي رحمه الله بجواز الرمي من بعد نصف الليل للقادر والعاجز (٢).

وعن نهاية زمن رمي جمرة العقبة وسائر الجمرات يقول الإمام النووي:

"واعلم بأنه يفوت كلُّ الرمي بأنواعه بخروج أيام التشريق من غير رمي ولا يؤدّى شيء منه بعدها لا أداء ولا قضاء. ومتى تدارك فرمى في أيام التشريق فائتها أو فائت يوم النحر فلا دم عليه. ولو نفر من منى يوم النحر أويوم القرّ أو يوم النفر الأول ولم يرم ثم عاد قبل غروب الشمس من اليوم الثاني فرمى أجزأه ولا دم عليه. ومتى فات الرمي ولم يتداركه حتى خرجت أيام التشريق وجب عليه جبره بالدم (٣).


(١) السنن الكبرى للبيهقي (٩٦٥٧).
(٢) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بات فيها والمبيت هو المكث بعد منتصف الليل فيكون هو الواجب. وقال أستاذنا الدكتور نور الدين عتر في الحج والعمرة في الفقه الإسلامي ص ١٠٤: "وجه الاستدلال أنه علق الرمي بما قبل الفجر وهو تعبير صالح لجميع الليل فجعل النصف ضابطاً له؛ لأنه أقرب إلى الحقيقة مماقبل النصف".
(٣) حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٤٠٧ - ٤٠٩.

<<  <   >  >>