للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأيام الأربعة من النحر إلى ثالث أيام التشريق هي وقت للرمي، وهي وقت جواز له عند الشافعية، ولو فاتت فلا أداء ولا قضاء.

ولو فات يوم منها تداركه في تاليه أو في سائر الأيام؛ لأنها كلها أيام رمي وهو مذهب السادة الحنبلية أيضاً (١).

أما وقت الاختيار فينتهي بغروب شمس يوم النحر (العيد). قال إمامنا النووي: "ويدخل وقت الرمي والحلق والطواف بنصف الليل من ليلة العيد ويبقى إلى غروب الشمس (٢). وقيل يبقى إلى طلوع الفجر من ليلة أول أيام التشريق (٣) " (٤).

وأما وقت الفضيلة فهو ما يعبر عنه بالسنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أن يرميها بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح. قال العلامة ابن حجر: "عبر به في المجموع وظاهره أنه لا يدخل وقت الفضيلة إلّا بارتفاعها كذلك، فما اقتضاه ظاهر كلام


(١) وقت الرمي عند الحنفية والمالكية يبدأ من طلوع فجر يوم النحر وهو وقت جواز مع الإساءة عندهم، أما الوقت المسنون فمن طلوع الشمس إلى الزوال، وما بعد الزوال إلى الغروب وقت جواز بلا إساءة، أما الرمي بالليل فهو وقت جواز مع الإساءة عندهم لكن لا جزاء ولا فدية فيه عند الحنفية فقط. وآخر وقت الرمي عند الحنفية إلى فجر اليوم التالي، وعند المالكية إلى الغروب لكن يجب الدم في المشهور عند أصحاب مذهب مالك إن أخره عنه. قال أستاذنا الدكتور نور الدين عتر بعد أن ساق هذا: "استدل أبو حنيفة بحديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل قال: رميت بعدما أمسيت، قال: لا حرج، أخرجه البخاري، وهو يدل على جواز الرمي بعد الزوال، وحديث ابن عباس أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للرعاء أن يرموا ليلاً أخرجه ابن أبي شيبة". اُنظر الحج والعمرة في الفقه الإسلامي للدكتور عتر ص ١٠٣ - ١٠٥. أقول: وربما استدل الشافعية بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفتى لمن رمى مساءً، وأفتى لمن رمى ليلاً بأن أيام التشريق والعيد هي وقت ممتد للرمي بليلها ونهارها وسيأتي.
(٢) قال العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح في مناسك الحج للنووي ص ٣٥٢: "وما صححه هنا كالروضة من بقاء الرمي للغروب مراده به وقت اختياره، وإلا فوقت أدائه لا يفوت إلا بآخر التشريق كما يأتي تحقيقه أخذاً من كلامه وله وقت فضيلة سيأتي".
(٣) أي لا ينتهي بغروب يوم العيد، بل يمتد إلى طلوع فجر اليوم الثاني من أيام العيد وفق هذا القول.
(٤) الحاشية لابن حجر على شرح نور الإيضاح ص ٣٥٢.

<<  <   >  >>