للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الروضة والمنهاج من دخوله بمجرد الطلوع محمول على أصل الفضيلة لا كمالها. قال الماوردي: "ويستمر وقت الفضيلة إلى الزوال" (١).

يفهم من هذا أن من دخل منى قبل طلوع الشمس سن له تأخير الرمي حتى تطلع الشمس قدر رمح وهو ما لا يتنافى مع ما مر من أن تحية بقعة منى هو في رمي جمرة العقبة؛ لأن التأخير هاهنا لعذر تطبيق السنة في تأدية الرمي في وقت فضيلة، وهذا لا يفوّت تلك التحية بدليل ما صح من طرق متعددة أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث ضعفة أهله وأمر أصحابه أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس (٢) وإليك تفصيل ذلك:

روى مسلم في صحيحه عن جابر قال: رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم النحر ضحى وأما بعد فإذا زالت الشمس (٣).

قال الإمام النووي: "المراد بيوم النحر جمرة العقبة فإنه لا يشرع فيه غيرها بالإجماع" (٤).

أقول: يشهد لهذا الروايةُ الأخرى عند البيهقي في سننه عن جابر بن عبد الله قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى جمرة العقبة أول يوم ضحى وهي واحدة" (٥).

وروى الخمسة وصححه الترمذي عن ابن عباس قال: قدَّمَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة أُغَيْلِمَةَ بني عبد المطلب فجعل يَلْطَحُ (٦) أفخاذنا ويقول: أُبَيْنِيَّ (٧) لا ترموا حتى


(١) نفس المرجع ص ٣٥٣.
(٢) اُنظر نفس المرجع والصفحة من كلام ابن حجر.
(٣) صحيح مسلم برقم (١٢٩٩/ ٣١٤).
(٤) كما قال النووي: "وهذا المذكور في جمرة يوم النحر سنة باتفاقهم. وعندنا يجوز تقديمه من منتصف ليلة النحر". اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ج ٩ ص ٩٦٧٥.
(٥) السنن الكبرى للبيهقي برقم (٩٦٥٠).
(٦) قال الشوكاني في نيل الأوطار ج ٥ ص ٨٢: "قال الجوهري اللَّطْحُ الضرب الليّن على الظهر ببطن الكف اهـ وإنما فعل ذلك ملاطفة لهم".
(٧) أُبَيْنِيَّ تصغير أبْنى مثل أُعيمى تصغير أعمى أما الياء المشددة في آخر "أُبَيْنِىَّ" فهي ياء النسب، أمّا أبْنَى فهو اسم مفرد يدل على جمع لفظة ابن، وقيل: إن ابناً يجمع على أَبْنى مقصوراً وعلى أبنَا ممدوداً وهذا كله أورده ابن الأثير في النهاية ج ١ ص ٧. بعد أن قال: من حق هذه اللفظة أن تجيء في حرف الباء؛ لأن همزتها زائدة، وأوردناها هاهنا حملاً على ظاهرها وقال: قال أبو عبيدة هو تصغير بَنِيَّ جمع ابن مضافاً إلى النفس، فهذا يوجب أن تكون صيغة اللفظة في الحديث: أُبَيْنِيَّ بوزن سُرَيجيَّ، وهذه التقديرات على اختلاف الروايات. اُنظر تعليق لجنة الدراسات لمكتب البحوث في دار الفكر من خلال حواشيها على السنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٨٩.

<<  <   >  >>