وهو الأفضل من الأخذ بالأقوال الضعيفة والروايات المنسوبة إلى هذا الإمام أو ذاك بما يخالف جمهور أصحابه، أو رواياتٍ أخرى منقولة عنه ثابتة خلاف سياق الأولى، لكن حتى هذا لا نحجر عليه وإن كنا لا نفعله شرط صحة النسبة إلى أصحابها؛ لأن حرمة المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة الني يحج إليها المسلمون، ويتوجهون إليها في صلواتهم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
من ذلك ما روي عن الإمام أبي حنيفة النعمان من جواز رمي اليوم الثاني من أيام التشريق قبل الزوال مع أن الرواية المشهورة عنه والظاهرة في مذهبه حرمة الرمي قبل الزوال وهي المسألة التي اتفق عليها أئمة وجماهير الفقهاء.
قال أستاذنا الدكتور نور الدين عتر:
"الرمي في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة يجب فيهما رمي الجمار الثلاث على الترتيب يرمي أولاً الجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخَيْفِ، ثم الوسطى، ثم يرمي جمرة العقبة يرمي كل جمرة بسبع حصيات.
يبدأ وقت الرمي في هذين اليومين من أيام التشريق بعد الزوال حتى لا يجوز الرمي فيهما قبل الزوال باتفاق الأئمة وجماهير العلماء وهي الرواية المشهورة الظاهرة عن أبي حنيفة.
وروي عن أبي حنيفة أن الأفضل أن يرمي بعد الزوال في اليوم الثاني والثالث من أيام النحر وهما الأول والثاني من أيام التشريق، فإن رمى قبل الزوال جاز واستُدِلّ له بقياس أيام التشريق على يوم النحر؛ لأن الكل أيام رمي.
وروى الحسن عن أبي حنيفة: "إن كان مِن قَصْدِه أن يتعجل في النَّفْرِ الأول فلا بأس بأن يرمي في اليوم الثالث من أيام النحر قبل الزوال، وإن رمى بعده فهو أفضل