للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن لم يكن ذلك من قصده لا يجوز أن يرمي إلّا بعد الزوال وذلك لدفع الحرج؛ لأنه إذا نفر بعد الزوال لا يصل إلى مكة إلّا بالليل فيحرج في تحصيل موضع النزول" (١). وقوى بعض متأخري الحنفية هذه الرواية توفيقاً بين الروايات عن أبي حنيفة (٢).

ويقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في دندنته حول هذا الموضوع:

"لا شك أن ما حدث في موسم الحج هذا العام وما حدث منذ سنتين قبل ذلك من موت مئات من المسلمين عند رمي الجمرات أمر تنفطر له الأكباد حسرة، وتتقطع عليه القلوب حزناً وأنا أشهد أن المملكة قد بذلت - وتبذل - من الجهود والتيسيرات للحجيج ما لا ينكره لا مكابر ولا جاحد".

ثم قال في علاج ذلك:

"وأول هذه الحلول في نظري أن نقلل من عدد الحجاج ما أمكننا وخصوصاً الحجاج الذين حجوا قبل ذلك حجة الفريضة، وربما حج كثير منهم مرات ومرات وأن نوعّي هؤلاء بأن أفضل لهم من حج النافلة أن يتبرعوا بمبلغ الحج لإخوانهم المسلمين الذين يموتون من الجوع ولا يجدون ما يمسك الرمق أو يطفئ الحرق أو ....

"ولو فقه المسلمون الذين يحجون للمرة السابعة أو العاشرة أو العشرين دينهم حقاً وعلموا أن إطعام الجائع وكسوة العريان ومداواة المريض وتعليم الجاهل وتشغيل العاطل وإيواء المشرد وكفالة اليتيم وإغاثة اللهفان أحب إلى الله تعالى من حج النافلة، ما تزاحموا على الحج، وتركوا هذه القربات العظيمة التي أراها فرائض على المسلمين


(١) "دليل الجمهور أن هذا باب لا يعرف بالقياس بل بالتوقيف من الشارع الحكيم فلا يجوز العدول عنه وهو ما نقله فضيلته بعد أن ساق ما سبق. اُنظر نفس المرجع ص ١٠٦.
(٢) اُنظر نفس المرجع ص ١٠٥ - ١٠٦.

<<  <   >  >>