للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قصّروا فيها، وقد اتفق علماء الأمة على هذه القاعدة: (إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة)، وقد قال الربانيون: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور".

ثم قال: "وهناك أمر آخر في غاية الأهمية وهو منوط بأهل العلم والفقه في هذه الأمة وهو أن نوسع في (زمن الرمي) ما وسّع لنا الشرع في ذلك، حيث لانستطيع أن نوسع المكان إذ المرمى صغير كما هو معلوم، ثم لا بد أن يكون الرمي من مسافة قريبة حتى يقع الحصى بالمرمى ولا يصيب الناس فيؤذيهم.

وما دام العدد كبيراً والمكان محدوداً فليس أمامنا إلّا توسيع الزمان وهو إجازة الرمي من الصباح إلى ما شاء الله تعالى من الليل.

وقد أجاز الإمام أبو حنيفة الرمي يوم النفر من منى من الصباح فيرمي، ثم يحزم أمتعته لينزل إلى مكة (١).

وإذا كان معظم الناس يتعجلون في يومين كما قال تعالى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: ٢٠٣] فلم يبق إلّا يوم واحد هو اليوم الثاني من أيام النحر.

"وقد قال ثلاثة من كبار الأئمة بجواز الرمي قبل الزوال في الأيام كلها وهم عطاء فقيه مكة وفقيه المناسك وأحد فقهاء التابعين، وطاوُس فقيه اليمن وأحد فقهاء


(١) أشار أستاذنا الدكتور نور الدين عتر إلى أن فتوى الإمام أبي حنيفة تنص على جواز الرمي من بعد الفجر وليس قبل الفجر من بعد منتصف الليل كما يفعله الجهال الذين يراسل بعضهم بعضا بالفتاوى دون توثيق أو اطلاع، وفي هذا قال ما نصه: "لكن يجب التحذير أن الفجر هنا هو وقت صلاة الفجر وليس الساعة الثانية عشرة ليلاً كما فهمه بعض أغبياء العامة ورفعت إلينا الفتوى فيهم". اُنظر الحج والعمرة في الفقه الإسلامي. ص ١٠٦.

<<  <   >  >>