للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومع إتمام الرمي والدعاء يجدّ الحاج السعي الحثيث نحو الجمرة الثانية

-الوسطى - ليصنع فيها ما صنع في سابقتها ويقف للدعاء بعدها كما وقف في الأولى (١).

ومن الوسطى يأتي الحجاج جمرة العقبة التي رموها يوم النحر، فيقف الرامي تحتها من بطن الوادي ويرمي عندها بالكيفية السابقة، على النحو الذي بيناه في رمي يوم العيد ولا يقف عندها للدعاء أبداً لا في يوم النحر (٢) ولا في سائر أيام التشريق اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفاؤلاً بالقبول مع الفراغ منها وهي آخر الجمرات وأقربهن إلى مكة.

ولعل دفع الأذى عن نفسه وعن غيره قرينة أخرى على ترك الوقوف للدعاء والله أعلم (٣).

روى البخاري في صحيحه عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات ثم يكبر على إثر كل حصاة (٤) ثم يتقدم فيُسْهِلُ (٥)


(١) ذكر الإمام النووي بأنه يصنع فيها ما صنع في الأولى غير أنه لا يتقدم إلى يساره كما فعل بالأولى وقد تتبعت الأحاديث فوجدتها على خلاف ذلك ثم تتبعت ما قاله النووي وما تابعه عليه ابن حجر في حاشيته فوجدت أن ذلك لم يأْت الفقهاء على ذكره لأجل السنة وإنما بسبب الأذى الذي كان يلحق الحجاج آنذاك لما كانت عليه الأرض يومها من طبيعة وعرة عن يسار الجمرة الثانية. قال العلامة ابن حجر في حاشيته ص ٤٠٣ - ٤٠٤؛ إلَّا أنه لا يتقدم عن يساره كما فعل في الأولى أي لخشية السقوط من تلك الناحية المرتفعة هناك. قال الشافعي - رضي الله عنه -؛ لأنها على أكمة. ولعل هذا باعتبار ما كان ... ".
(٢) قال الإمام حجة الإسلام الغزالي في إحياء علوم الدين عن الدعاء يوم النحر ص ٢٥٧ ـ "ولا يقف في هذا اليوم للدعاء بل يدعو في منزله".
(٣) اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح للنووي ص ٤٠٤.
(٤) وفي رواية أخرى عند البخاري في باب الدعاء عند الجمرتين برقم (١٧٥٣) بلفظ: يكبر كلما رمى بحصاة - أي في الجمرة الأولى - ثم قال: يكبر عند كل حصاة أي في الثانية.
(٥) يُسْهِلُ أي يقصد السهل من الأرض وهو المكان المصطحب الذي لا ارتفاع فيه. اُنظر فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني ج ٣ ص ٧٣٦.

<<  <   >  >>