للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواجب في رمي جمرة العقبة وسائر الجمرات أن يرمي كلاً منها بما يسمى حجراً وما يسمى رميا؛ لأن الرمي الصحيح المجزئ هو ما كان باليد، أما الذي يجري بالقوس أو المقلاع أو الدفع بالرِّجْل أو اللفظ بالفم فلا يصح من ذلك شيء ومثله ما لو وضع الحجر في المرمى بيده؛ لأن وضعه لا يسمى رمياً.

فالواجب أن يرمي الجمرة بسبع حصيات واحدة واحدة حتى يستكملهن، فلا يرمي جميع الحصى مرة واحدة وإلا حسبت رميته تلك عن حصاة واحدة، ولا يرمي الجمرة بأقل من سبع حصيات (١).

هذا ما جاءت به الأحايث الصحيحة من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر مع كل حصاة وهو تصريح بأن نبينا عليه السلام رمى كل حصاة وحدها كذا نص على استنتاجه الإمامان الجليلان الشوكاني من الزيدية والنووي من الشافعية وغيرهما من العلماء، كما يؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لتأخذوا عني مناسككم"، ومن الاتباع فعل ذلك. قال الإمام الشوكاني: "قال النووي وغيره: هذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج وهو نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة: صلوا كما رأيتموني أصلي. قال القرطبي: ويلزم من هذين الأصلين أن الأصل في أفعال الصلاة والحج الوجوب إلّا ما خرج بدليل كما ذهب إليه أهل الظاهر وحكي عن الشافعي انتهى" (٢).


(١) نفس المرجع ص ٣٥٧ - ٣٥٩. أقول: هنا يمكنني أن أضيف فيما ما لو رمى حصاتين ـ أو أكثر كأن رمى مثلاً سبع حصيات دفعة واحدة فوقعت في المرمى معاً أو بعضهن أو إحداهنّ حسبت حصاة واحدة عند الشافعية والحنفية. وروي عن عطاء أنه يجزئ ويكبر لكل حصاة تكبيرة أي بعد أن رماهن جميعاً معاً. وروي عن الأصم أنه يجزئ مطلقاً. وقال الحسن البصري: "يجزئ عن الجاهل فقط. وكل هذا غير المفتى به لما ذكرته لك في المتن، والصحيح المعتمد هو ما نقلته لك عن جمهور الفقهاء من وجوب ذلك حصاة حصاة. اُنظر نيل الأوطار للشوكاني ج ٥ ص ٨١. وصحيح مسلم بشرح النووي ص ٨ ص ٣٤٦.
(٢) نيل الأوطار للشوكاني ج ٥ ص ٨٠.

<<  <   >  >>