للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام الشوكاني أيضاً "قوله: (ورمى بسبع): فيه دليل على أن رمي الجمرة يكون بسبع حصيات وهو يرد قول ابن عمر ما أبالي رميت الجمرة بست أو بسبع، وسيأتي في باب المبيت متمسَّك لقوله. وروي عن مجاهد أنه لا شيء على من رمى بست. وعن طاوس يتصدّق بشيء. وعن مالك والأوزاعي: من رمى بأقل من سبع وفاته التدارك يجبره بدم وعن الشافعية في ترك حصاة مد وفي ترك حصاتين مدان وفي ثلاثة فأكثر دم. وعن الحنفية: إن ترك أقل من نصف الجمرات الثلاث فنصف صاع وإلا فدم" (١).

فلو شك في عدد الحصيات السبع هل رمى ستاً أو سبعاً مثلاً بنى على الأقل وحقق المطلوب يقيناً (٢).

كما يشترط في الرمي قصد المرمى فلو رمى في الهواء دون أن يقصد رمي الجمرة فوقعت الحصاة صدفة في المرمى لم يعتد بها.

ومن تمام هذا أن لا يقصد الشاخص المنصوب ولا حائط الجمرة معتقداً أنه المرمى بل لا بد من أن يقصد مجتمع الحصى الذي سيأتي بيانه وهو ما بينهما، فلو قصدهما على فعل كثير من الجهلة لم يعتدّ بهذا الرمي وإن كان الزركشي أجازه؛ لأن العامة لا يقصدون بهما إلّا فعل الرمي الواجب، والمفتى به خلافه.

ولا يشترط في الحصاة الاستقرار في المرمى، فلو رمى الجمرة في حدود دائرتها فتدحرجت الحصاة من مجتمع الحصى إلى ما سال من الحصى، أو ذهبت بعيداً، لم يضرّه ذلك، بخلاف ما لو أصابت سائل الحصى ولم تصب مجتمع الحصى فإنها لا تجزئ (٣).


(١) نفس المرجع والجزء ص ٨١.
(٢) الفقه الإسلامي وأدلته لأستاذنا الدكتور وهبة الزحيلي ج ٣ ص ٢٢٥٩.
(٣) هذا باعتبار ما كان ومجتمع الحصى قال فيه العلامة ابن حجر الهيتمي: حده الجمال الطبري بأنه ما كان بينه وبين أصل الجمرة ثلاثة أذرع فقط، ثم قال: وهذا التحديد من تفقهه وكأنه قرر به مجتمع الحصى غير السائل والمشاهدة تؤيده فإن مجتمعه غالباً لا ينقص عن ذلك. ثم قال في تعقيبه على كلام النووي: يدل على أن مجتمع الحصى المعهود الآن بسائر جوانب الجمرتين وتحت شاخص جمرة العقبة هو الذي كان في عهده - صلى الله عليه وسلم - وليس ببعيد إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يعرف خلافه وقد يؤيد ذلك قول الجمال الطبري: لا يشترط لصحة الرمي أن يكون الرامي في مكان مخصوص. نعم مر أنه لا يصح الرمي من وراء جمرة العقبة. أما ما سال من الحصى فهو من وراء ذلك. قال الإمام النووي: "قال الشافعي رحمه الله تعالى: الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى ..... ". اُنظر حاشية العلامة ابن حجر الهيتمي على شرح نور الإيضاح للنووي ص ٣٥٧ - ٤١٠. أقول: لم يعد الحال اليوم كما كان عليه بالأمس ابتداء من العام ١٤٢٥ هـ الموافق للعام ٢٠٠٤ م حيث زيد في طول الشاخص كثيراً، وبالتالي زيد في جُدُر الجمرات، وفي مجتمع الحصى بفتوى تبنتها المملكة حفاظاً على أرواح الحجاج، والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>