للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لئلا يتشبه باليهود، وهذا قول باطل" (١).

وفي دليل ضابط إجزاء النَّعَم روى مسلم في صحيحه عن جابر قال: "لا تذبحوا إلّا مسنّة إلّا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جَذَعَة من الضأن" (٢). قال الإمام النووي في شرحه على هذا الحديث: "قال العلماء: المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حالٍ من الأحوال" (٣).

والشرط في الإجزاء أن لا يكون فيها معيب بعيب يؤثر في نقص اللحم تأثيراً بيناً، فيدخل في ذلك المرض؛ لأنه يؤدي إلى هزالها، والجربُ وإن كان يسيراً، وإن رجي زواله؛ لأنه يفسد اللحم والودك (٤) وينقص القيمة، وشديدةُ العرج كذلك بحيث تسبقها الماشية وإن حدث العرج تحت السكين (٥)، ومثله من باب أولى انكسار بعض الأعضاء.

ولا تجزئ المجنونة وهي التي لا تهتدي إلى المرعى؛ لأن هذا يؤثر على رعيها فيقل لحمها، كما أنه ينقص من قيمتها. ولا تجزئ العمياء لذات العلة، ولا العوراء وهي التي ذهب ضوء إحدى عينيها بخلاف العمشاء؛ لأنها تهتدي، إذ العمش ضعف في الرؤية مع سيلان الدمع في أكثر الأوقات، لكنه ليس انعداماً لها، ومثلها العشواء؛ لأنها تهتدي نهاراً.

ولا تجزئ مقطوعة الأُذُن وإن قلَّ، وإن كان ذلك في أصل الخلقة، كما لا تجزئ


(١) النووي على صحيح مسلم ١٣/ ١٠٢.
(٢) صحيح مسلم (١٣/ ١٩٦٣).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ١٣/ ١٠١ ـ ١٠٢.
(٤) الوَدَك: دسم اللحم، ودجاجة وديكة أي سمينة، ومثلها ديك وَديك.
(٥) أما لو نذر شاة أضحية ثم حدث بها عيب ينقص اللحم فإنه لا يبالي به، وتجزئه شرط أن لا يكون العيب بتقصير من الناذر. اُنظر الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٦٩.

<<  <   >  >>