للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان حملاً يوم النذر أو حملت به بعده (١).

المسألة الثانية: جواز ركوب البدن إن احتاج إلى ذلك، وترك ركوبها إن زالت الحاجة. هذا ما قاله الفقهاء، لذلك جاء لفظ الشافعي الذي نقله عنه ابن المنذر، وترجم له البيهقي: "يركب إذا اضطر ركوباً غير فادح" (٢)، كما أطلق ابن عبد البر كراهة ركوبها لغير حاجة عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء (٣).

دليل الفقهاء ما رواه الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "رأى رجلاً يسوق بَدَنَهً، فقال: ارْكبها، فقال: إنها بدنة، فقال اركبها. قال: إنها بدنة، قال: اركبها، ويلك، في الثالثة أو في الثانية" (٤).

ودليل التقييد ما أورده مسلم في صحيحه عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله سئل عن ركوب الهدي، فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اركبها بالمعروف إذا أُلجِئْتَ إليها حتى تجد ظهراً" (٥).

وكما يجوز الركوب لحاجة فقد أجاز الفقهاء الحمل على البُدْن بشرطه المذكور، ويضمن إن حدث نقص ظاهر. قال الإمام الشوكاني: "وقد وافق أبا حنيفة الشافعيُّ على ضمان النقص في الهدي الواجب" ثم قال في جواز الحمل عليها: "وله شاهد مرسل عند سعيد بن منصور بإسنادٍ صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٦٩ - ٣٧٠.
(٢) فتح الباري لابن حجر العسقلاني ٣/ ٦٧٩.
(٣) فتح الباري لابن حجر العسقلاني ٣/ ٦٧٩.
(٤) البخاري باب ركوب البدن برقم (١٦٨٩)، ومسلم (١٣٢٢/ ٣٧١). وقوله: "إنها بدنة" أراد به أنها مهداة إلى البيت الحرام وجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - دلَّ أنه يعرف ذلك ويأمره بركوبها.
(٥) صحيح مسلم (١٣٢٤/ ٣٧٥).

<<  <   >  >>