للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يأمر بالهدية إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها أو يركبها غير منهكها. واختلف من أجاز الركوب هل يجوز أن يجعل عليها متاعه؟ فمنعه مالك وأجازه الجمهور وهل يحمل عليها غيره؟ أجازه الجمهور أيضاً على التفصيل المتقدم ونقل عياض الإجماع على أنه لا يؤجرها. واختلفوا أيضاً في اللبن إذا احتلب منه شيئاً: "فعند العترة والشافعية والحنفية يتصدق به، فإن أكله تصدق بثمنه، وقال مالك: لا يشرب من لبنه، فإن شرب لم يغرمْ" (١).

وكذا الأضحية المنذورة فله أن يركبها ويعيرها لمن يركبها دون إجارتها لكن له أن يشرب من لبنها ما فضل عن كفاية ولدها، ولو تصدق به كان أفضل (٢).

المسألة الثالثة: هل تذبح البدن على الطريق إن هي عطبت؟

يفرَّق في الهدي بين أن تكون نذراً أو تطوّعاً:

فإن كانت نذراً، فقد صار واجباً عليه أن يرعاها ويحفظها حتى تصل إلى بيت الله، وينحرها في منحر منى، أو في أي موضع من الحرم شاء، وبالتالي فإن يده عليها حتى ينحرها لا تُسَلّطُ على نذره بيعاً أو أكلاً، فليس له أن يتصرف فيها إلّا في الأمانة والإشراف كما لو كانت بين يديه وديعة، فهي بالنسبة إليه كالمودَع عنده، فإن فرط فيها ضمن، لذلك قال الفقهاء: إن كلّت البدنة المنذورة، وأعيت ووقفت بحيث نالها العطب في الطريق وجب عليه ذبحها والتصدق بها على المساكين، أو التخلية بينها وبين المساكين على الوجوب، ولا يجوز لصاحب الهدي الأكل من شيء منها مهما كان قليلاً، ولا لرفقته الذين معه في الركب سواء كان الرفيق مخالطاً له أو في جملة الناس من غير


(١) نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني ٥/ ١٢٣.
(٢) الحاشية لابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٧١.

<<  <   >  >>