للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخالطة (١). قال الإمام النووي في تعليل ذلك: "والسبب في نهيهم قطع الذريعة لئلا يتوصل بعض الناس إلى نحره، أو تعييبه قبل الناس" (٢).

كما قال الفقهاء: إنْ ذبحَ الهدي المنذور غمسَ النعلين اللتين قلّد بهما الهدي سابقاً، في دم الهدي الذي نحره أو ذبحه ثم ضرب بهما صفحة السنام، ثم يتركه ليعلم بذلك من مرَّ به أنه هدي فيأكله إن كان فقيراً أو مسكيناً؛ لأنه مستحق المساكين والفقراء من غير رفقة القافلة كما قلت لك (٣).

دليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس أنَّ ذُؤَيْبَاً أبا قُبَيْصَةَ حدّثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث معه بالبدن ثم يقول: "إنْ عَطِبَ منها شيء فَخَشِيْتَ عليه موتاً فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحتها، ولا تَطْعَمْها أنت ولا أحد من رُفقتك" (٤).

وروى الترمذي في سننه عن ناجية الخُزَاعيّ، صاحب بُدْنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قلت يا رسول الله: كيف أصنع بما عَطِبَ من البُدْنِ؟ قال: انحرها، ثم اغمِسْ نعلها في دمها، ثم خلِّ بين الناس وبينها، فيأكلوها" (٥).

أما إذا كان الهدي هدي تطوع أي ليس نذراً فقد قال إمامنا الشافعي: له أن يفعل فيه ما يشاء من بيع وذبح وأكل وإطعام وغير ذلك، وله تركه، ولا شيء عليه في كل ذلك؛ لأنه


(١) نيل الأوطار للشوكاني ٥/ ١٢٤، وصحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ٤٤٥.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ٤٤٥.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ٤٤٥.
(٤) صحيح مسلم (١٣٢٦/ ٣٧٨).
(٥) سنن الترمذي (٩١٠) وقال عنه أبو عيسى: حديث ناجية حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم.

<<  <   >  >>