للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نحرت ههنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم" (١)، وقوله عليه الصلاة والسلام: "كلُّ فجاج مكة طريق ومنحر" (٢).

فالأظهر عند الشافعية أن ذلك يختص بأي مكان من الحرم، لما ذكرته لك؛ ولأن الذبح حق يتعلق بالهدي فيختص بالحرم كالتصدق، وهو نص كلام الخطيب الشربيني (٣).

لكن أفضل بُقَعَهِ ـ أي: الحرم ـ للحاج نحراً وذبحاً هو منى، حتى ولو كان دم تمتع أو قران؛ لأنها مكان تحلله، ومثله ما لو ساق الحاج أو المعتمر هدي نذر أو كفارة. أما أفضل بقعه للمعتمر الذي ليس قارناً أو متمتعاً، فهو المروة (٤)، وقد مرَّ معك أن ابن عمر كان ينحر بمكة عند المروة، وينحر بمنى عند المنحر (٥).

أما الإحصار (٦) فإن صاحبه يذبح شاة مما يجزئ في الأضحية، ثم يحلق، مع اقتران نية التحلل بهما، ولا يختص ذبح شاة الإحصار بالحرم، حتى لو تمكن من بعض الحرم وكان قد أحصر في الحلّ جاز له الذبح في موضعه من الحلّ على الأصح من مذهب الشافعية. هذا يعني أنه لا يحل للمحصر أن ينتقل إلى موضع آخر من الحل لذبح الشاة


(١) صحيح مسلم (١٢١٨/ ١٤٩).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشربيني ١/ ٥٣٠، وقد نقل العلامة الخطيب الشربيني هنا قولاً آخر عند الشافعية منقولاً عن الشافعي وهو ذو بال وإن كان غير مفتى به في المعتمد عندهم وهو جواز الذبح خارج الحرم بشرط أن يُنقَلَ إليه - أي الهدي- ويفرق لحمه فيه قبل تغيره؛ لأن المقصود هو اللحم، فإذا وقعت تفرقته على مساكين الحرم فقد وقع الغرض.
(٤) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشربيني ١/ ٥٣١.
(٥) السنن الكبرى للبيهقي (٩٤٧٨).
(٦) الإحصار عند الشافعي ومالك وأحمد هو منع الحاج من الوصول لأداء نسك الحج أو العمرة بسبب العدوّ الذي يقطع عليهم الطريق، وبهذا لم يدخلوا في حصر العدوّ إحصار المرض، ولم يجعلوه منه.

<<  <   >  >>