للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا يظل عقد النكاح حراماً عليه بعد هذا التحلل (١).

فإن أتى بالرمي والحلق والطواف (أي: مع السعي إن لم يكن قد سعى كما قلت لك) فقد تحلل التحلل الثاني (٢)، وبهذين التحللين حلَّ له جميع محرَّمات الإحرام وصار حلالاً.

ومن المسائل المرتبطة بالتحلل ما قاله جمهور الفقهاء من أنه يسن لمن تحلل التحللين أن لا يطأ حتى يرمي أيام التشريق، لكنَّ المحبّ الطبري اعترض على ذلك بروايةٍ عن أيام منى قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيام منى أيام أكل وشرب وبعال"، كما استدل على اعتراضه بالحديث الذي مرَّ معنا من أن أمَّ سلمة بعثها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المزدلفة لتطوف قبل الفجر، وكان يومها فأحبَّ أن توافيه ليواقعها فيه، وقد أجاب الجمهور بأن الحديث لبيان الجواز، وبأن بعثة أمّ سلمة واقعة حال، ووقائع الأحوال يسقطها الاحتمال، وهو إرادة النبي - صلى الله عليه وسلم - بيان جواز ذلك لأمته، ثم لاحتمال أن تكون جملة الحديث: "وكان يومها فأحبَّ أن توافيه ليواقعها فيه" من فهم الراوي.

وثمرة البحث أنّ وطء الزوجة في أيام التشريق، بعد التحللين قبل الرمي بتمامه في أيامه جائز بالإجماع بقول الجمهور والمحب الطبري، وسائر العلماء، لكن الخلاف هل يسنّ ترك ذلك؟ الجمهور قالوا: يسن تركه والمحبّ الطبري قال: لا، واستشهد بالحديثين، والله تعالى أعلم.

المسألة الخامسة: آداب في ذبح الهدايا والأضاحي:

يستحب أن يذبح الحاج هديه أو أضحيته بنفسه اقتداء بفعله - صلى الله عليه وسلم - حيث نحر ثلاثاً


(١) الحاشية للعلامة ابن حجر على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٩١ ـ ٣٩٢.
(٢) أما العمرة فليس لها إلا تحلل واحد.

<<  <   >  >>