للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وستين بدنة بيده الشريفة، وهو ما رواه لنا مسلم من حديث جابر الطويل.

ويستدل له أيضاً برواية مسلم عن أنس قال: "ضحّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمَّى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما" (١)، وفي رواية أخرى عنده: "وانكفأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كبشين فذبحهما، فقام الناس إلى غُنَيْمة فتوزّعوها، أو قال: فتجزَّعوها" (٢).

وربما كانت الحكمة من ذلك بعد الاتباع تهذيب النفس على القوة والشجاعة، والنأي بها عن الجبن والخوف.

ويستثنى من هذا الاستحبابِ المرأةُ، فيندب في حقها أن تستنيب رجلاً يذبح عنها (٣)؛ لأنها تضعف عن ذلك غالباً، ولأن تثبيت الشاة بوضع الرِّجل على جانب عنقها لئلا تضطرب قد لا يستقيم فلا يتم الذبح، ولئلا تؤذي نفسها، ولأن مقاومة الذبيحة لها، وتأبيها لفعلها في عملية يقطع فيها الحلقوم والمريء وأحد الودجين (٤)، فيخرج الدم بقوة


(١) صحيح مسلم (١٩٦٦/ ١٧)، والأملح: هو الأبيض الخالص البياض. وأقرنين أي: لكل منهما قرنان حسنان ولهذا قال العلماء: يستحب الأقرن كما قالوا: في الحديث جواز تضحية الإنسان بعدد من الحيوان، كما أجاز الشافعي وأبو حنيفة والجمهور مكسور القرن سواء كان يدمى أم لا، وكرهه مالك إذا كان يدمى، ومن باب أولى أجمع العلماء على جواز التضحية بالأجم، وهو الذي لم يخلق له قرنان. وصفاحهما أي: صفحة العنق وهي جانبه. اُنظر شرح النووي على صحيح مسلم ص ١٠٤.
(٢) صحيح مسلم (١٩٦٢/ ١٠)، وقوله: "انكفأ" معناه مال وانعطف، وغُنَيمة تصغير الغنم، وفي الحديث هذا والذي قبله تأكيد على جواز الذكر في الأضحية.
(٣) الحاشية لابن حجر ص ٣٧٧.
(٤) يسن أن لا يزيد على هذه الثلاثة مع مراعاة أنه يجزئ عند الشافعي قطع الحلقوم والمريء، ولا يحتاج إلى الودجين، أما الإبل وما يلحق بها مما طال عنقه كنعام وإوَزّ فيستحب في حقها النحر لا الذبح وذلك بأن يطعنها بسكين أو حربة أو نحو ذلك في ثغرة نحرها، وهي الوهدة التي في أصل العنق وأسفله، فيطعن العروق فيه حتى تفرى، والعلة سرعة إزهاق روح الحيوان كي لا يتألم لذلك سنَّ أن تكون الأداة حادة تنهر الدم، وكذا يندب أن لا يقطع رأسها، أو يسلخ جلدها قبل تأكده من مفارقة الروح للجسد، رحمة بها، ولهذا أيضاً كره العلماء نقلها قبل التوثق من موتها. اُنظر الحاشية لابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح للنووي ص ٣٧٧، وتفسير القرطبي ٦/ ٥٣.

<<  <   >  >>