للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا استناب غيره استُحبّ له أن يشهد الذبح لما روى عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك، فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها، كلُّ ذنب عَمِلْتِيْهِ، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. قال عمران: يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصَّة، فأَهلُ ذلك أنتم؟ أو للمسلمين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامة" (١).

قال إمامنا النووي: "ولو استناب في ذبح هديه وأضحيته جاز، ويستحب أن يحضر صاحبها عند الذبح" (٢).

ومن الآداب التسمية عند القيام بأمر ذبح النَّعم أو نحر الإبل وهو ما مرّ معك من رواية مسلم (١٩٦٢/ ١٠) أنه - صلى الله عليه وسلم - سمّى وكبّر، لذلك فإن الصيغة المستحبة في التسمية هي قوله: "بسم الله، والله أكبر".

ولم تجب التسمية عند الشافعية؛ لأن الباري عزَّ وجلَّ أباح لنا ذبائح أهل الكتاب (٣)، ومن المعلوم بداهة أنهم لا يسمّون؛ ولأن البيان الإلهي لم يشترط في ذبائحهم ولا في ذبائح المسلمين سوى التذكية (٤)، فدلَّ على أن التسمية مستحبة، وليست من


(١) قال الإمام الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٤/ ١٧: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو حمزة الثمالي، وهو ضعيف".
(٢) الحاشية للعلامة ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح ص ٣٧١.
(٣) وذلك في قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥].
(٤) وذلك في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣]، وقد قال الإمام القرطبي في هذا: "قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} نصب على الاستثناء المتصل عند الجمهور من العلماء والفقهاء، وهو راجع على كل ما أُدرك ذكاته من المذكورات، وفيه حياة؛ لأن الذكاة فيه عاملة". اُنظر الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ٦/ ٤٨.

<<  <   >  >>