للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكلاً أو إهداء، أما إذا ملك الغني من التطوع (١) شيئاً فإنه يجوز له الأكل أو الإهداء، وليس له نحو بيع (٢).

وإذا كان الكلام في دم الهدي والأضحية تطوعاً ونذراً، فيلزم معه التعريج على لازمه في كتاب الحج وهو دم التمتع والقران، أو ما يطلق عليه العلماء الهدي الواجب.

فهدي التمتع هو شاة تذبح عندما يؤدي الحاج العمرة في أشهر الحج قبل الحج، ثم يتحلل ويتمتع بالتحلل من محرمات الإحرام حتى إحرامه بالحج. دليله قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

هدي التمتع هو دم جبر عند الشافعية؛ لأنه شرع جبراً للخلل الحاصل في مخالفة أصل الإحرام، وميقاته، فأصل الإحرام عندنا هو الإفراد، ومواقيت الإحرام عند الأمة قاطبة مشهورة معروفة، ومن تمتع بالعمرة إلى الحج في أشهر الحج فقد أحرم بالحج من مكة لامن الميقات لذلك شرع الهدي جبراً لهذا الخلل.

وهدي القران هو دم جبر أيضاً؛ لأن القارن يأتي بالحج والعمرة بإحرام واحد، وليس بإحرامين، فشرع الهدي سداً لهذا الخلل (٣).

وما دام هدي التمتع والقران واجباً فقد أخذ حكم الهدي المنذور والأضحية المنذورة فلا يؤكل منه شيء (٤).


(١) الغني ليس له في الواجبة نصيب لا صدقة ولا إهداء.
(٢) الحاشية لابن حجر الهيتمي ص ٣٧٥.
(٣) الحج والعمرة في الفقه الإسلامي د. نور الدين عتر ص ١٧٠.
(٤) في مذهب الحنفية دم التمتع والقران هو دم شكر؛ لأن العناية الإلهية وفَّقت الحاج لأداء النسكين في سفر واحد، وعلى هذا جاز الأكل منه في مذهبهم؛ لأنه ليس واجباً، وهو مذهب المالكية والحنبلية. اُنظر المرجع السابق ص ١٦٩ - ١٧٠.
أقول: وربما كان دليلهم في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فاستدل من أجاز أكل هدي القران بهذا الحديث؛ بأن السيدة عائشة كانت قارنة، وقد ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكلت وأزواجه. اُنظر نيل الأوطار للإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني ٥/ ١٢٥، برقم الحديث عنده (٢٠٩٢).

<<  <   >  >>